كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 8)

لا بابن مع قوله: وَحِيزَ وَإِنْ بِلَا إذْنٍ، وَأُجْبِرَ وَلِيُّهُ عَلَيْهِ،
__________
يَحْنَثَ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ لَا يَقْدِرُ الْأَبُ عَلَى رَدِّهِ عَلَى الْوَاهِبِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا حَتَّى يَكُونَ لَهُ رَدُّ مَا وُهِبَ لِابْنِهِ مِنْ طَعَامٍ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ إلَّا بِأَكْلِهِ فِي الْوَقْتِ كَالْكِسْرَةِ وَالتَّمْرَةِ وَشَبَهِ هَذَا مِمَّا يُنَاوِلُهُ الْإِنْسَانُ لِمَنْ يَدْخُلُ؛ لِأَنَّ الْأَبَ يَقُولُ نَفَقَةُ ابْنِي عَلَيَّ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْمِلَ عَنِّي مِنْهَا شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِي فَهَذَا إذَا أَكَلَ مِمَّا أَعْطَاهُ الصَّبِيُّ حَنِثَ وَيَعُدُّ ذَلِكَ قَبُولًا مِنْهُ الْخُبْزَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُعْدَمًا حَتَّى لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ وَلَدِهِ وَكَانَ عَيْشُ الِابْنِ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ الْأَبِ مِنْ الصَّدَقَاتِ وَنَحْوِهَا فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ هَذَا فَأَكَلَ مِنْهُ الْأَبُ لَمْ يَحْنَثْ، قَالَ: وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ: وَعَبْدُهُ وَابْنُهُ فِي هَذَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ لَهُ رَدُّ مَا وُهِبَ لِعَبْدِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ مَا وُهِبَ لَهُ مِنْ مَالٍ، انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا ذَكَرَهُ فِي النُّكَتِ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَنَقَلَ ذَلِكَ فِي الذَّخِيرَةِ وَقَالَ الْقَرَافِيُّ فِي الْفَرْقِ الْخَامِسِ وَالثَّلَاثِينَ: الْأَسْبَابُ الْفِعْلِيَّةُ تَصِحُّ مِنْ الْمَحْجُورِ دُونَ الْقَوْلِيَّةِ فَلَوْ صَادَ مَلَكَ الصَّيْدَ أَوْ احْتَشَّ مَلَكَ الْحَشِيشَ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى أَوْ قَبِلَ الْهِبَةَ أَوْ الصَّدَقَةَ أَوْ قَارَضَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ الْقَوْلِيَّةِ لَا يَتَرَتَّبُ لَهُ عَلَيْهَا مِلْكٌ، انْتَهَى.
وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الرُّكْنَ الرَّابِعَ وَهُوَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَشَرْطُهُ قَبُولُ الْمِلْكِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ص: (وَحِيزَ وَإِنْ بِلَا إذْنٍ وَأُجْبِرَ وَلِيُّهُ عَلَيْهِ) ش: وَالْحَائِزُ هُوَ الْمَوْهُوبُ لَهُ إنْ كَانَ رَشِيدًا فَإِنْ كَانَ سَفِيهًا فَوَلِيُّهُ وَفِي صِحَّةِ حَوْزِ السَّفِيهِ قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ. وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ وَالْمُخْتَصَرِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْقَوْلِ بِصِحَّةِ حَوْزِهِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْوَقْفِ: "وَلَوْ سَفِيهًا: وَقَوْلُهُ: "وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ"، أَيْ: عَلَى أَنْ يَحُوزَهُ وَهَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْهِبَةَ تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْمَعْرُوفُ لُزُومُ الْعَطِيَّةِ بِعَقْدِهَا ابْنُ زَرْقُونٍ.
قَالَ الْمَازِرِيُّ: لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ فِي هِبَتِهِ قَبْلَ حَوْزِهَا عِنْدَ جَمَاعَةٍ وَفِي قَوْلَةٍ شَاذَّةٍ عِنْدَنَا وَحَكَاهَا الطَّحَاوِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَحَكَاهَا ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ عَنْ مَالِكٍ

الصفحة 11