كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 8)
__________
هذا كله يمينا واحدة لم يكن له ذلك؛ لأن الميراث لا يحاط بالحقوق فيه وقد تقدم في فصل الجواب عن الدعوى حكم هذه المسألة وفيها من الخلاف غير هذا، انتهى. وفي الفصل الثاني من مفيد الحكام ابن أبي زمنين: ومن لزمتك له يمين بلا بينة إلا بمجرد الدعوى في قول من يرى ذلك فلك أن تقول له: اجمع دعاويك كلها قبلي لأدخلها في يمين ولو لزمتك له بسبب ميراث لم يكن لك أن تقول: اجمع دعاويك كلها لأدخلها في يميني؛ لأن الميراث لا يحاط بالحقوق فيه وهذا الذي أخذناه عن مشيختنا، انتهى. ولم يحك فيه خلافا وبهذا جرى العمل في هذا الزمان وذكر في التبصرة بعد هذه المسألة في الموضع الثاني مسألة من الوثائق المجموعة تشهد لهذا وهي من ادعى بحقوق وزعم أنه لا بينة له على بعضها وله بينة على بعضها وأراد استحلافه فيما لا بينة له فيه بينة ويبقى على إقامة البينة فيما له فيه فإنه إن التزم أنه إن لم تقم له بينة فيما زعم أن له فيه بينة لم تكن له يمين على المدعى عليه فإنه يحلفه الآن فإن أقام البينة وإلا فلا يمين له عليه وإن لم يلتزم ذلك لم يستعمل يمينه حتى يقيم البينة فإن أقامها وإلا جمع دعاويه وحلف له على الجميع، انتهى.
فرع: وإذا قلنا إن الدعاوى تجتمع في يمين واحدة فإذا كان بعضها مما تغلظ فيه اليمين وبعضها لا تغلظ فيه اليمين فإن من وجبت عليه اليمين يخير بين أن يحلف يمينا واحدة في المسجد وبين أن يحلف على ما لا تغلظ فيه في غير المسجد ثم يحلف أخرى في المسجد ذكره ابن سهل في ترجمة جمع الدعاوى في يمين واحدة.
تنبيه: قوله: "ثم مدعى عليه" هذا إذا كان المدعى عليه ممن يصح إقراره فإن كان ممن لا يصح إقراره، فقال ابن فرحون في تبصرته: ليس للحاكم أن يسمع الدعوى على من لا يصح إقراره، قاله في الفصل الثالث في تقسيم المدعى عليهم، واعلم أن الدعوى على المحجور على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن يدعي عليه بما لا يلزمه ولو قامت به البينة كالبيع والشراء والسلف والإبراء فهذا لا يسمع القاضي الدعوى به ولا البينة،
والقسم الثاني: ما يلزمه في ماله إذا قامت به البينة ولا يلزمه بإقراره كالغصب والاستهلاك والإتلاف واستحقاق شيء من ماله ونحو ذلك من الجراح التي لا توجب القصاص وإنما توجب المال فهذا يسمع القاضي الدعوى به ويكلف المدعي إثبات ما ادعاه ويحكم به في مال المحجور ولا يكلف المحجور إقرارا ولا إنكارا، القسم الثالث: ما يلزم المحجور إذا أقر به كالطلاق والجراح التي توجب القصاص إذا كان المحجور بالغا فهذا تسمع الدعوى فيه ويكلف الإقرار والإنكار وهذا التقسيم مأخوذ من كلام ابن فرحون المشار إليه وما ذكره في باب الحجر من أنه يلزمه الطلاق والحدود ونحو ذلك فتأمله، والله أعلم. وأما عكس هذا وهو دعوى المحجور على غيره، فقال في معين الحكام: يجوز للمحجور طلب حقوقه كلها عند قاض أو غيره ولا يمنع من ذلك في حضور وصيه أو غيبته، قال ابن بكير: وله أن يوكل على ذلك ليعلم ما يتوجه إليه وخالفه غيره في ذلك، انتهى.