كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 8)

__________
لِلسَّائِلِ بِشَيْءٍ أَوْ يَخْرُجُ بِهِ إلَيْهِ فَلَا يَجِدُهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى مَالِهِ وَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ إنَّمَا نَوَى أَنْ يُعْطِيَهُ لَهُ وَلَمْ يَبْتِلْهُ لَهُ بِقَوْلٍ وَلَا نِيَّةٍ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ، انْتَهَى مِنْ الْأَجْوِبَةِ مِنْ بَابِ الصَّدَقَاتِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيمَا إذَا بَتَلَهُ لَهُ بِالنِّيَّةِ يَأْتِي عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورِينَ فِي لُزُومِ الطَّلَاقِ بِالْكَلَامِ النَّفْسِيِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّبْتِيلِ بِالنِّيَّةِ وَنِيَّةِ الْإِعْطَاءِ أَنَّهُ لَوْ عَبَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ عَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: أَعْطَيْته لِفُلَانٍ وَلَوْ عَبَّرَ عَنْ الثَّانِي عَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: أُعْطِي أَوْ نِيَّتِي أُعْطِي وَنَحْوِهِ فِي آخِرِ مَسَائِلِ الْهِبَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ.
فرع: قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي بَابِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ: قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا خَرَجَتْ لَلسَّائِلِ بِالْكِسْرَةِ أَوْ بِالدِّرْهَمِ فَلَمْ تَجِدْهُ أَرَى أَنْ يُعْطَى لِغَيْرِهِ تَكْمِيلًا لِلْمَعْرُوفِ وَإِنْ وَجَدْته وَلَمْ يَقْبَلْ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْأَوَّلِ لِتَأَكُّدِ الْعَزْمِ بِالدَّفْعِ وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ أَكْلُهَا أَمْ لَا فَقِيلَ: يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهَا وَقِيلَ: لَا وَقِيلَ: إنْ كَانَ مُعَيَّنًا أَكَلَهَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ لَمْ يَأْكُلْهَا، انْتَهَى. وَقَالَ فِيهَا أَيْضًا: فرع: قَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ بِشِرَاءِ كِسَرِ السَّائِلِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِبَرِيرَةَ: "هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ ", انْتَهَى.
فرع: قَالَ فِي رَسْمِ الْوَصَايَا وَالْحَجِّ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْعَارِيَّةِ: إذَا قَالَ لَهُ: بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْك يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: "بِعْ وَالنُّقْصَانُ عَلَيَّ" فَهُوَ أَمْرٌ قَدْ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَالْمَعْرُوفُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ لَازِمٌ لِمَنْ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ يُحْكَمُ بِهِ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَمُتْ أَوْ يُفْلِسْ، وَسَوَاءٌ قَالَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ انْتَقَدَ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَنْتَقِدَ، انْتَهَى.
فرع: تَقَدَّمَ فِي بَابِ الرَّهْنِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ تَكْفِي نِيَّةٌ عَلَى الْحَوْزِ أَنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يُقْضَى بِالْحِيَازَةِ إلَّا بِمُعَايَنَةٍ بَيِّنَةٍ لِحَوْزِهِ فِي حَبْسٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُعْطِي فِي صِحَّتِهِ أَنَّ الْمُعْطَى قَدْ حَازَ وَقَبَضَ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بَيِّنَةٌ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يُقْضَ بِذَلِكَ إنْ أَنْكَرَ وَرَثَتُهُ حَتَّى تُعَايِنَ الْبَيِّنَةُ الْحَوْزَ ا هـ.
فرع: إذَا قَالَ لِوَلَدِهِ: أَصْلِحْ نَفْسَك وَتَعَلَّمْ الْقُرْآنَ وَلَك قَرْيَتِي فُلَانَةُ فَفَعَلَ الْوَلَدُ ثُمَّ مَاتَ أَبُوهُ قَبْلُ وَالْقَرْيَةُ بِيَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْوَلَدُ الْحَوْزَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رَسْمِ الْكِرَاءِ وَالْأَقْضِيَةِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ: لَا تَكُونُ لَهُ الْقَرْيَةُ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ تَحْقِيقُ ذَلِكَ بِإِشْهَادِ الْأَبِ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: "لَكَ قَرْيَتِي" لَيْسَ بِنَص فِي تَمْلِيكِهِ إيَّاهَا بَلْ الظَّاهِرُ مِنْهُ ذَلِكَ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ تَسْكُنُهَا أَوْ تَرْتَفِقُ بِهَا، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيَكُونُ أَرَادَ التَّحْرِيضَ وَلَمْ يَجْعَلْ مَا أَوْجَبَ لَهُ الْقَرْيَةَ بِهِ مِنْ إصْلَاحِهِ نَفْسَهُ وَتَعَلُّمِهِ عِوَضًا لَهَا فَتَمْضِي دُونَ حِيَازَةٍ، فِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ فَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَعْطَى امْرَأَتَهُ النَّصْرَانِيَّةَ دَارًا سَاكِنًا بِهَا عَلَى أَنْ تُسْلِمَ فَأَسْلَمَتْ فَلَا أَرَاهَا مِنْ الْعَطِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ ثَمَنُ إسْلَامِهَا وَالْإِشْهَادُ يُجْزِئُهَا عَنْ الْحِيَازَةِ وَإِنْ

الصفحة 13