كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 8)
__________
ما واجهه به من ذلك هو من قبيل الإقرار وله أن يحكم بالإقرار على من انتهك ماله فيعاقبه به أي: بإقراره ويتمول المال بإقراره ولا يحكم في شيء من ذلك بالبينة والأصل في ذلك قطع أبي بكر رضي الله عنه يد الأقطع الذي سرق عقد زوجته أسماء لما اعترف بسرقته وإن كان في حديث الموطإ فاعترف به لأقطع أو شهد عليه على الشك، فالصواب ما في غير الموطإ أنه اعترف به من غير شك إذ لو لم يعترف لما قطعه بالبينة كما لو كان المسروق له إذ لا فرق بين كونه له أو لزوجته في هذا؛ لأن متاعها كمتاعه والدليل على ذلك قول عمر رضي الله عنه لعبد الله بن الحضرمي لما جاءه بغلامه فقال: إن هذا سرق مرة لامرأتي لا قطع عليه هذا خادمكم سرق متاعكم ألا ترى أن الرجل لا يجوز أن يشهد لنفسه فإن كان يحكم بالإقرار في مال كما يحكم به في مال غيره كان أحرى أن يحكم بالإقرار في عرضه كما يحكم به في عرض غيره لما يتعلق في ذلك من الحق لله؛ لأن الجرأة على القضاة والحكام بمثل هذا توهين لأمرهم وداعية إلى الضعف عن استيفاء الحقائق في الأحكام فالمعاقبة في مثل هذا أولى من التجاوز والعفو، وقاله في الواضحة، انتهى.
فرع: قال ابن عرفة: قال اللخمي: وما اجتمع فيه حق له ولله في جواز حكمه فيما هو لله كمن شهد عنده عدلان بأنه سرق من ماله ما يقطع فيه في حكمه بقطعه قولا ابن المواز وابن عبد الحكم
قلت: هذا يوهم أن قول محمد إنما هو فيما شهد به عدلان وفي النوادر ما نصه: قال أشهب في المجموعة: إن أخذ القاضي فله قطعه ولا يحكم عليه بالمال وكذا في الموازية وفي المجموعة وكذا في محارب قطع عليه الطريق فليحكم عليه بحكم المحارب ولو جاء تائبا.
فرع: مما يجري مجرى القاضي في المنع من الحكم لمن يتهم عليه المفتي يعني لمن يتهم عليه ممن لا تجوز شهادته له وينبغي للمفتي الهروب من مثل هذا، انتهى من الركن الثالث المقضى له.
فرع: قال الأقفهسي في شرح المختصر في آخر باب الأقضية: وسئل ابن أبي زيد هل يجوز الحكم للمغترقي الذمم بالمغصوب الممتنعين باليد القاهرة على أحد ولا يجوز الحكم لا لهم ولا عليهم وما لم يعلم له مالك ولا هو عين المغصوب مما بأيديهم فهل يحكم له بحكم الفيء أم لا؟ فأجاب من كان مغترق الذمة فلا يحكم له بما ليس له ولو كان عين الغصب وما بأيديهم إذا لم يعلم له مالك معروف ولا يعرف وارث مالكه ولا من يستحقه على حال من الأحوال ولا يمكن أن يتحاصص في ماله بتجر ولا غيره إذ لا يحصل ما غصب ولا أقر به ولا يمكن تحريه فإن كان ممن غصبه فقراء فيفرق فيهم ويعطى منهم من كان صغيرا قدر ما يرى وإن كان لا يوجد فيمن غصبه مستحق للصدقة كان حكمه حكم الفيء وذلك حكم