كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 8)

__________
القاسم إلى أنه لا تجوز شهادته إذا كان هو القائم بها، وذهب مطرف وابن الماجشون وأصبغ إلى أن شهادته جائزة وكذلك الحكم لو كانوا جماعة هم القائمون عليه وهم الشهود انتهى. وقال بعده:
تنبيه: يستثنى من ذلك مسألة صاحب الشرطة وذكر مسألة البيان المتقدمة وحاصل ما تقدم أن ما حكاه ابن رشد عن بعض المتأخرين الذي هو ظاهر كلام المؤلف هو ظاهر إطلاقات أهل المذهب ولا شك في ظهور الفرق بين وجوب رفع الشهادة وسقوطها بكون الشاهد هو المدعي، فرفع الشهادة عند الحاكم والإخبار بها من غير مخاصمة فيما يستدام فيه التحريم واجب غير مسقط للشهادة كما سيصرح به المصنف بقوله: "وفي محض حق الله تعالى تجب المبادرة بالإمكان إن استديم تحريمه" وأما إن كان الرافع هو المخاصم فتسقط الشهادة كما أطلقه هنا في قوله: "كمخاصمة مشهود عليه مطلقا" والله أعلم. وانظر الشفاء في الشهادة بشيء في حق الجناب العلي.
فرع: قال في الطرر في ترجمة عداوة: إذا قام أهل مسجد في حباسة مسجدهم أو حقه على رجل وشهدوا فيه وأنكر الرجل لم تجز شهادتهم عليه؛ لأنهم خصماؤه فإن قام عليه منهم قائم وشهد غيره جازت شهادتهم؛ لأنهم ليسوا خصماء انتهى.
فائدة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة" 1 رواه مسلم في كتاب البر والصلة قال في الإكمال: وهذا الستر في غير المشتهرين وأما المتكشفون المشتهرون الذين تقدم إليهم في الستر وستروا غير مرة فلم يدعوا وتمادوا فكشف أمرهم وقمع شرهم مما يجب؛ لأن كثرة الستر عليهم من المهاودة على معاصي الله ومصانعة أهلها، وهذا أيضا في ستر كشف معصية انقضت وفاتت فأما إذا عرف انفراد رجل بعمل معصية أو اجتماعهم لذلك فليس الستر ههنا السكوت على ذلك وتركهم وإياها بل يتعين على من عرف ذلك إذا أمكنه تنفيرهم عن ذلك بكل حال وتغييره وإن لم يتفق له ذلك إلا بكشفه لمن يعينه أو السلطان، وأما إيضاح حال من يضطر إلى كشفه من الشهود والأمناء والمحدثين فبيان حالهم ممن يقبل منه وينتفع به مما يجب على أهله، فأما الشاهد فعند طلب ذلك منه لتجريحه أو إذا رأى حكما يقطع بشهادته وقد علم منه ما يسقطها فيجب رفعها، وأما في أصحاب الحديث وحملة العلم
ـــــــ
1 رواه ابخاري في كتاب المظالم باب 3. مسلم في كتاب البر حديث 58،72.كتاب الذكر حديث 38. أبو داود في كتاب الأدب باب 38، 60. الترمذي في كتاب الحدود باب 3 كتاب البر باب 19. كتاب القران باب 10. ابن ماجه في كتاب المقدمة باب 17. كتاب الحدود باب 5. أحمد في مسنده (2/91، 252، 296، 389، 404، 500، 514، 522) (4/62، 104) (5/375)

الصفحة 183