كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 8)

وفي محض حق الله تجب المبادرة بالإمكان، إن استديم تحريمه كعتق وطلاق، ووقف ورضاع، وإلا خير كالزنا
__________
أو أكراها لمن هي بيده فباعها الذي هي بيده والولد لا يعلم أنها لأبيه أن على الشاهد أن يعلم بذلك وإلا بطلت شهادته. الباجي: وعندي أن ذلك إنما يكون جرحة إذا علم أنه إن كتم ولم يعلم بشهادته بطل الحق أو دخل بذلك مضرة أو معرة وأما على غير ذلك فلا يلزم القيام بها؛ لأنه لا يدري لعل صاحب الحق تركه انتهى. قال ابن عبد السلام: وينبغي لهذا الشاهد أن ينكر على المتصرف في مال غيره وروي من حديث عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كانت عنده شهادة فلا يقل لا أخبر بها إلا عند الحاكم ولكن ليخبر بها لعله يرجع أو يرعوي" وقال ابن عرفة: حال الحاضر تبطل الشهادة بترك إعلام الحاضر بها لا بترك رفعها للسلطان.
قلت: إلا أن يكون ربها من هو إلى نظر السلطان كاليتيم المهمل انتهى. ص: (وفي محض حق الله تجب المبادرة إلخ) ش: قال ابن عبد السلام: إن كان هناك غيره ممن يتم الحكم بشهادته فإنه يستحب له المبادرة تحصيلا لفرض الكفاية فإن أبى غيره أو منعه من ذلك مانع تعين عليه القيام انتهى. ص: (كعتق وطلاق ووقف ورضاع) ش: نحوه لابن الحاجب قال في التوضيح قيد ابن شاس الوقف بأن يكون على غير معينين وأطلق القول فيه الباجي وابن رشد انتهى. وفي كون هذه الأشياء من محض حق الله تعالى عندي نظر والله أعلم.
تنبيه: بهذا القسم والذي قبله اندفع التعارض بين قوله صلى الله عليه وسلم في معرض الذم: "ثم يكون قوم يشهدون ولا يستشهدون" 1 وقوله: "تبدر شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته" 2 وبين قوله في معرض المدح: "ألا أخبركم بخير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها" فحكم الأول على الأول والثاني على الثاني والله أعلم. ص: (وإلا خير كالزنا) ش: تقدم في شرح قوله:
ـــــــ
1 رواه البخاري في كتاب الرقاق باب 7. كتاب الأيمان باب 27. كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم باب 1. كتاب الشهادات باب 9. مسلم في كتاب فضائل الصحابة حديث 213. أبو دطاود في كتاب السنة باب 9. النسائي في كتاب الأيمان باب 29. أحمد في مسنده (2/228، 410، 439) (4/426، 427، 440)
2 رواه مسلم في كتاب فضائل الصحابة 211. ابن ماجة في كتاب الأحكام باب 27.

الصفحة 185