كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 8)
__________
تنبيه: إذَا قَالَ: أَعْمَرْتُكَ وَلَمْ يَقُلْ حَيَاتَك أَوْ حَيَاتِي وَلَمْ يَضْرِبْ لَهَا أَجَلًا فَهِيَ عُمْرَى وَكَذَلِكَ أَسْكَنْتُك، قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي أَوَاخِرِ الْعَارِيَّةِ: فصل: وَقَدْ أَتَتْ هِبَاتٌ مُتَقَارِبَةُ اللَّفْظِ مُخْتَلِفَةُ الْأَحْكَامِ حُمِلَ بَعْضُهَا عَلَى هِبَةِ الرِّقَابِ وَبَعْضُهَا عَلَى هِبَةِ الْمَنَافِعِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: كَسَوْتُك هَذَا الثَّوْبَ وَأَخْدَمْتُك هَذَا الْعَبْدَ وَحَمَلْتُك عَلَى هَذَا الْبَعِيرِ وَأَسْكَنْتُك هَذِهِ الدَّارَ وَأَعْمَرْتُكَ فَحُمِلَ قَوْلُهُ: "أَعْمَرْتُكَ وَأَسْكَنْتُك وَأَخْدَمْتُك" عَلَى أَنَّهَا هِبَةُ مَنَافِعِ حَيَاةِ الْمُخْدَمِ وَالْمُسْكَنِ وَالْمُعَمَّرِ، وَقَوْلُهُ: "كَسَوْتُك هَذَا الثَّوْبَ أَوْ حَمَلْتُك عَلَى هَذَا الْبَعِيرِ أَوْ الْفَرَسِ" عَلَى هِبَةِ الرِّقَابِ ثُمَّ قَالَ: وَالْعُمْرَى ثَلَاثَةٌ مُقَيَّدَةٌ بِأَجَلٍ أَوْ حَيَاةِ الْمُعَمَّرِ وَمُطْلَقَةٌ وَمُعْقَبَةٌ فَإِنْ كَانَتْ مُقَيَّدَةٌ بِأَجَلٍ فَقَالَ: أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ سَنَةً أَوْ عَشْرًا أَوْ حَيَاتِي أَوْ حَيَاتَك كَانَتْ عَلَى مَا أَعْطَى، وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يُقَيِّدْ كَانَ مَحْمَلُهُ عَلَى عُمُرِ الْمُعْطِي حَتَّى يَقُولَ: عُمُرِي أَوْ حَيَاتِي وَإِنْ عَقَّبَهَا فَقَالَ: أَعْمَرْتُكَهَا أَنْتَ وَعَقِبَك لَمْ تَرْجِعْ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَنْقَرِضَ الْعَقِبُ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ جُزَيٍّ فِي الْقَوَانِينَ: الْعُمْرَى جَائِزَةٌ إجْمَاعًا وَهِيَ أَنْ يَقُولَ: أَعْمَرْتُكَ دَارِي وَضَيْعَتِي أَوْ أَسْكَنْتُك أَوْ وَهَبْت لَكَ سُكْنَاهَا أَوْ اسْتِغْلَالَهَا فَهُوَ قَدْ وَهَبَ لَهُ مَنْفَعَتَهَا فَيَنْتَفِعُ بِهَا حَيَاتَهُ فَإِذَا مَاتَ رَجَعَتْ إلَى رَبِّهَا وَإِنْ قَالَ: لَك وَلِعَقِبِك فَإِذَا انْقَرَضَ عَقِبُهُ رَجَعَتْ إلَى رَبِّهَا أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ قَبْلَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: وَإِنْ قَالَ: أَذِنْت لَكَ أَنْ تَسْكُنَ دَارِي أَوْ تَزْرَعَ أَرْضِي أَوْ تَرْكَبَ دَابَّتِي أَوْ تَلْبِسَ ثَوْبِي كَانَ عَارِيَّةً وَتَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْعَارِيَّةِ إذَا ضَرَبَ لَهَا أَجَلًا أَوْ لَمْ يَضْرِبْ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي آخِرِ كِتَابِ الْعَارِيَّةِ: الْمُخْدِمُ ذُو رِقٍّ وَهَبَ مَالِكٌ خِدْمَتِهِ إيَّاهَا لِغَيْرِهِ فَيَدْخُلُ الْمُدَبَّرُ وَالْجُزْءُ مِنْ الْعَبْدِ لَا الْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَهُوَ أَحَدُ أَنْوَاعِ الْعَارِيَّةِ إنْ لَمْ يُخْرِجْ رَبُّهُ عَنْ مِلْكِ رَقَبَتِهِ بِعِتْقٍ أَوْ مِلْكٍ ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلَى نَفَقَتِهِ وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي كِتَابِ الْخِدْمَةِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ وَهَبَ خِدْمَةَ عَبْدِهِ لِرَجُلٍ وَلَمْ يُوَقِّتْ فَأَمَّا فِي الْوَصِيَّةِ فَلَهُ خِدْمَةُ الْعَبْدِ حَيَاةَ الْمُخْدَمِ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِخِدْمَتِهِ وَلَمْ يَتْرُكْهَا لِوَرَثَتِهِ وَأَمَّا فِي الصِّحَّةِ فَأَسْأَلُهُ وَأُصَدِّقُهُ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَلَا شَيْءَ
الصفحة 23