كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 8)

لا إن علم خيانته هو فيحرم، وإلا كره على الأحسن،
__________
الْأَمَانَةَ وَخَافَ عَلَيْهَا الْخَوَنَةَ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. الثَّانِي: نَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ فِي الْقِسْمِ الْمَكْرُوهِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الَّذِي فِيهِ الْأَحْسَنُ وَمُقَابِلُهُ وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا الْخِيَانَةَ وَعَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْأَمَانَةَ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ قَيَّدَ الْخِلَافَ بِأَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ عَدْلًا فَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ فَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا يَأْخُذَهَا اتِّفَاقًا وَكَذَا قَيَّدَ قِسْمَ الْوُجُوبِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ بَيْنَ قَوْمٍ غَيْرِ مَأْمُونِينَ بِكَوْنِ الْإِمَامِ عَدْلًا لَا يُخْشَى أَنْ يَأْخُذَهَا إذَا عَلِمَ بِهَا بِتَعْرِيفِهِ إيَّاهَا، قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ، فَقَالَ: يُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهَا وَتَرْكِهَا بِحَسَبِ مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فَتَأَمَّلْهُ وَنَص كَلَامِ التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَالِالْتِقَاطُ حَرَامٌ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ خِيَانَةَ نَفْسِهِ وَمَكْرُوهٌ لِلْخَائِفِ، وَفِي الْمَأْمُونِ الْكَرَاهَةُ وَالِاسْتِحْبَابُ فِيمَا لَهُ بَالٌ وَالْوُجُوبُ إذَا خَافَ عَلَيْهَا الْخَوَنَةَ يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ اللُّقَطَةِ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ حَالِ الْمُلْتَقِطِ وَجَعَلَ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةً، أَوَّلُهَا: أَنْ يَعْلَمَ مِنْ نَفْسِهِ الْخِيَانَةَ فَيَكُونُ الْتِقَاطُهَا عَلَيْهِ حَرَامًا، وَثَانِيهَا: أَنْ يَخَافَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُ الشَّيْطَانُ وَلَا يَتَحَقَّقُ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا، وَثَالِثُهَا: أَنْ يَثِقَ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ، وَقُسِّمَ هَذَا إلَى قِسْمَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ بَيْنَ نَاسٍ لَا بَأْسَ بِهِمْ وَلَا يَخَافُ عَلَيْهَا الْخَوَنَةَ، وَالثَّانِي: أَنْ يَخَافَهُمْ فَإِنْ خَافَهُمْ وَجَبَ الِالْتِقَاطُ وَحُكِيَ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقُ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِمَالِكٍ: الِاسْتِحْبَاب، وَالْكَرَاهَةُ، وَالِاسْتِحْبَابُ فِيمَا لَهُ بَالٌ وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا الْخِلَافَ بِأَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ عَدْلًا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ وَكَانَتْ بَيْنَ قَوْمٍ مَأْمُونِينَ، فَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا يَأْخُذَهَا اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ قَوْمٍ غَيْرِ مَأْمُونِينَ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهَا وَتَرْكِهَا، انْتَهَى. وَزَادَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَذَلِكَ بِحَسَبِ مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ مِنْ أَحَدِ الْخَوْفَيْنِ، انْتَهَى. فَهَذَا الْأَخِيرُ تَقْيِيدٌ لِمَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نَقْلِ قِسْمِ الْوُجُوبِ بَلْ نَقَلَ الْقَرَافِيُّ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ يَحْرُمُ أَخْذُهَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ غَيْرَ مَأْمُونٍ إذَا أَنْشَدْت أَخْذَهَا، انْتَهَى. الثَّالِثُ: قَوْلُهُ: "عَلَى الْأَحْسَنِ" فِيهِ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الشَّامِلِ
تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ: وَمَا قَيَّدَهَا بِهِ وَهُوَ أَيْضًا أَعْنِي هَذَا الِاخْتِلَافَ فِيمَا عَدَا لُقَطَةِ الْحَاجِّ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا، وَمَعْنَى نَهْيِهِ عَنْهَا مَخَافَةُ أَنْ لَا يَجِدَهَا رَبُّهَا لِتَفَرُّقِ الْحَاجِّ فِي بُلْدَانِهِمْ الْمُخْتَلِفَةِ فَتَبْقَى فِي ضَمَانِهِ فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَلْتَقِطَ لُقَطَةَ الْحَاجِّ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام فَإِنْ الْتَقَطَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ تَعْرِيفِهَا

الصفحة 39