كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 8)
ودفعت لحبر إن وجدت بقربة ذمة وله حبسها بعده، أو التصدق، أو التملك
__________
تنبيه: وَيُخَيَّرُ فِي دَفْعِهَا إلَى الْإِمَامِ إنْ كَانَ عَدْلًا، قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ
ص: (وَدُفِعَتْ لِحَبْرٍ إنْ وُجِدَتْ بِقَرْيَةِ ذِمَّةٍ) ش: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي سَمَاعِ مُوسَى مِنْ كِتَابِ اللُّقَطَةِ وَنَصُّهُ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ اللُّقَطَةِ تُوجَدُ فِي قَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا إلَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ، فَقَالَ: تُدْفَعُ إلَى أَحْبَارِهِمْ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا قَوْلٌ فِيهِ نَظَرٌ إذْ فِي الْأَمَاكِنِ أَنْ تَكُونَ لِمُسْلِمٍ وَإِنْ كَانَتْ وُجِدَتْ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ أَنْ لَا تُدْفَعَ إلَى أَحْبَارِهِمْ إلَّا بَعْدَ التَّعْرِيفِ بِهَا اسْتِحْسَانًا لِغَلَبَةِ الظَّنِّ أَنَّهَا لَهُمْ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ فَإِذَا دُفِعَتْ إلَيْهِمْ بَعْدَ التَّعْرِيفِ لَهَا ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا غَرِمُوهَا لَهُ وَإِنَّمَا كَانَ يَلْزَمُ أَنْ تُدْفَعَ ابْتِدَاءً إلَى أَحْبَارِهِمْ لَوْ تَحَقَّقَ أَنَّهَا لِأَهْلِ الذِّمَّةِ بِيَقِينٍ لَا شَكَّ فِيهِ مَعَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّ مِنْ دِينِنَا أَنْ يَكُونَ حُكْمُ لُقَطَةِ أَهْلِ مِلَّتِنَا مَصْرُوفًا إلَيْنَا وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا تُدْفَعَ إلَى أَحْبَارِهِمْ وَتَكُونُ مَوْقُوفَةً أَبَدًا، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقِ، انْتَهَى. فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص: (أَوْ التَّصَدُّقِ) ش: قَالَ فِي الطِّرَازِ فِي بَابِ إخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ: وَلِأَنَّا نُجَوِّزُ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِاللُّقَطَةِ عَنْ رَبِّهَا ثُمَّ إنَّهُ إذَا عَلِمَ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَرَضِيَ جَازَ، انْتَهَى. فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالتَّصَدُّقِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَنْ رَبِّهَا وَأَمَّا تَصَدُّقُهُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي تَمَلُّكِهِ إيَّاهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
تنبيه: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَأَكْرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا قَبْلَ السَّنَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ التَّافِهُ، انْتَهَى. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: الْكَرَاهَةُ هُنَا عَلَى الْمَنْعِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ، انْتَهَى.
ص: (أَوْ التَّمَلُّكِ وَلَوْ بِمَكَّةَ) ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ وَعِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ قَوِيَّةٌ إذْ قَالَ بَعْدَ أَنْ حَكَى الْخِلَافَ فِي تَمَلُّكِ اللُّقَطَةِ: وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا عَدَا لُقَطَةِ مَكَّةَ فَأَمَّا مَكَّةُ فَقَدْ وَرَدَ النَّص فِيهَا أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ فَلَا يَحِلُّ لَهُ اسْتِنْفَاقُهَا بِإِجْمَاعٍ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعَرِّفَهَا أَبَدًا وَإِنْ طَالَ زَمَانُهَا، انْتَهَى. فَتَأَمَّلْهُ؛
الصفحة 43