كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 8)
وَرَدُّهَا بَعْدَ أَخْذِهَا لِلْحِفْظِ إلَّا بِقُرْبٍ فَتَأْوِيلَانِ، وذو الرق كذلك، وقبل السنة في رقبته
__________
بَعْدَ أَخْذِهَا لِلْحِفْظِ إلَّا بِقُرْبٍ فَتَأْوِيلَانِ) ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ، قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: فَإِنْ أَخَذَهَا لِيَحْفَظَهَا ثُمَّ رَدَّهَا ضَمِنَهَا، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ إنَّمَا تَتَفَرَّعُ عَلَى الْقِسْمِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، انْتَهَى. يَعْنِي مِنْ أَقْسَامِ الِالْتِقَاطِ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَ الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ الِالْتِقَاطُ هُوَ مَأْمُورٌ بِالرَّدِّ وَالْقِسْمَ الَّذِي يَجِبُ يَضْمَنُ بِمُجَرَّدِ تَرْكِهَا وَقَدْ عَلِمْت كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ وَالتَّأْوِيلَيْنِ عَلَيْهِ فِيمَا سَبَقَ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِعَادَةِ وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ بَعْدَ أَخْذِهَا لِلْحِفْظِ احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا أَخَذَهَا لَا بِنِيَّةِ الْحِفْظِ وَلَا بِنِيَّةِ اغْتِيَالِهَا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ إذَا رَدَّهَا بِالْقُرْبِ بِلَا خِلَافٍ وَيَضْمَنُ إذَا رَدَّهَا بَعْدَ الْبُعْدِ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَالَ عِيَاضٌ: لَا خِلَافَ إذَا أَخَذَهَا بِغَيْرِ نِيَّةِ التَّعْرِيفِ كَأَخْذِ الْكِسَاءِ أَنَّهُ غَيْرُ ضَامِنٍ إذَا رَدَّهَا لِمَوْضِعِهَا فِي الْحِينِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَاجِدُ اللُّقَطَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: أَنْ يَأْخُذَهَا وَلَا يُرِيدُ الْتِقَاطَهَا وَلَا اغْتِيَالَهَا، وَالثَّانِي: أَنْ يَأْخُذَهَا مُلْتَقِطًا لَهَا، وَالثَّالِثُ: أَنْ يَأْخُذَهَا مُغْتَالًا لَهَا فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ مِثْلُ أَنْ يَجِدَ ثَوْبًا وَهُوَ يَظُنُّهُ لِقَوْمٍ بَيْنَ يَدَيْهِ يَسْأَلُهُمْ عَنْهُ فَهَذَا إنْ لَمْ يَعْرِفُوهُ وَلَا ادَّعَوْهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ حَيْثُ وَجَدَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ فِي يَدِهِ وَلَا تَعَدَّى عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أَعْلَمَ بِهِ مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَهُ وَلَمْ يَلْتَزِمْ فِيهِ حُكْمَ اللُّقَطَةِ وَهَذَا إذَا رَدَّهَا بِالْقُرْبِ وَأَمَّا إنْ رَدَّهَا بَعْدَ طُولٍ فَهُوَ ضَامِنٌ، انْتَهَى. وَالْقِسْمَانِ الْبَاقِيَانِ تَقَدَّمَا فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ص: (وَذُو الرِّقِّ كَذَلِكَ وَقَبْلَ السَّنَةِ فِي رَقَبَتِهِ) ش: يَعْنِي: ذُو الرِّقِّ إذَا الْتَقَطَ لُقَطَةً فَعَلَيْهِ أَنْ يُعَرِّفَهَا سَنَةً فَبَعْدَ السَّنَةِ إنْ أَكَلَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا ضَمِنَهَا فِي ذِمَّتِهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: "كَذَلِكَ" وَقَوْلُهُ: "وَقَبْلَ السَّنَةِ فِي رَقَبَتِهِ" وَاضِحٌ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْ التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ يَصِحُّ حِينَ تَصَرُّفِهِ لِسَيِّدِهِ وَلَا يَقْطَعُهُ ذَلِكَ عَنْ بَيْعِهِ
الصفحة 48