كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 8)

فإن أخذه رفعه للإمام، ووقف، سنة ثم بيع ولا يهمل،
__________
الرَّجْرَاجِيُّ: أَمَّا أَخْذُ الْآبِقِ فَقَدْ، قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: تَرْكُهُ خَيْرٌ مِنْ أَخْذِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِقَرِيبِهِ أَوْ جَارِهِ أَوْ لِمَنْ يَعْرِفُهُ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَأْخُذَهُ، انْتَهَى. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ أَوْ لِمَنْ يَعْرِفُهُ هُوَ الضَّابِطُ وَلَا يُقَالُ أَنَّ ذَلِكَ لِلْقَرَابَةِ، انْتَهَى. وَلِهَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ وَقَيَّدَ الْبِسَاطِيُّ هَذَا بِمَا إذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ فِيهِ الْهَلَاكُ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا الْحَسَنِ، قَالَ فِي قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَهُوَ مِنْ أَخْذِهِ فِي سَعَةٍ، قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَمَّا إذَا كَانَ عَلَى الْأَمْيَالِ الْيَسِيرَةِ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَبَقَ مِنْهُ فَلَا سَعَةَ فِي تَرْكِهِ إذَا لَمْ يَخَفْ مِنْهُ الشَّيْخُ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ تَلَفٌ لَهُ، انْتَهَى. ص: (فَإِنْ أَخَذَهُ رَفَعَهُ لِلْإِمَامِ وَوُقِفَ سَنَةً ثُمَّ بِيعَ وَلَا يُهْمَلُ) ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ أَخَذَ آبِقًا رَفَعَهُ إلَى الْإِمَامِ وَيُوقِفُهُ سَنَةً وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ فِيمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ كَالْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ وَإِلَّا بَاعَهُ وَأَخَذَ مِنْ ثَمَنِهِ مَا أَنْفَقَ وَحَبَسَ بَقِيَّةَ الثَّمَنِ لِرَبِّهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَأَمَرَ مَالِكٌ بِبَيْعِ الْإِبَاقِ بَعْدَ السَّنَةِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِإِطْلَاقِهِمْ يَعْمَلُونَ وَيَأْكُلُونَ وَلَمْ يَجْعَلْهُمْ كَضَوَالِّ الْإِبِلِ؛ لِأَنَّهُمْ يَأْبِقُونَ ثَانِيَةً، انْتَهَى. فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ: "رَفَعَهُ إلَى الْإِمَامِ" كَقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: "رَفَعَهُ إلَى الْإِمَامِ". أَبُو الْحَسَنِ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَالرَّفْعُ إلَى الْإِمَامِ أَوْلَى وَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ هُوَ مَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ، انْتَهَى. وَقَالَ: قَوْلُهُ: "وَيَكُونُ فِيمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ كَالْأَجْنَبِيِّ" يَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَفْعَلُ فِيهِ مَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّفْعُ، انْتَهَى. وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: فَإِنْ أَخْذَهُ فَلَا يَخْلُو السُّلْطَانُ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا أَوْ جَائِرًا فَإِنْ كَانَ عَدْلًا فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ رَفَعَهُ إلَى الْإِمَامِ وَإِنْ شَاءَ عَرَّفَ بِهِ ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ جَائِرًا فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ إلَيْهِ وَيُعَرِّفَهُ سَنَةً وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ وَيَكُونَ حُكْمُهُ فِي النَّفَقَةِ حُكْمَ السُّلْطَانِ، انْتَهَى. وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ: "وَوُقِفَ سَنَةً ثُمَّ بِيعَ وَلَا يُهْمَلُ" مِثْلُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: "وَيُوقِفُهُ سَنَةً" إلَى قَوْلِهِ: "وَلَمْ يَأْمُرْ بِإِطْلَاقِهِمْ" وَفِيهِ أَمْرَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُحْبَسُ سَنَةً، وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُبَاعُ بَعْدَ السَّنَةِ وَلَا يُمْهَلُ، أَمَّا الْأَوَّلُ، فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: عَنْ ابْنِ يُونُسَ، قَالَ سَحْنُونٌ: لَا أَرَى أَنْ يُوقِفَهُ سَنَةً وَلَكِنْ بِقَدْرِ مَا يَتَبَيَّنُ أَمْرَهُ ثُمَّ يُبَاعُ وَيَكْتُبُ الْحَاكِمُ صِفَاتِهِ عِنْدَهُ حَتَّى يَأْتِيَ لَهُ طَالِبٌ. ابْنُ يُونُسَ: وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِ سَنَةً رُبَمَا ذَهَبَتْ بِثَمَنِهِ، انْتَهَى. وَفِي سَمَاعِ عِيسَى، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الشَّأْنُ وَالسَّنَةُ فِي الْآبِقِ أَنْ يُحْبَسَ سَنَةً إلَّا أَنْ يَخَافَ الضَّيْعَةَ فَيُبَاعُ.

الصفحة 58