كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل - الفكر (اسم الجزء: 8)

مِمَّنْ لَهُ تَبَرُّعٌ بِهَا، وَإِنْ مَجْهُولًا أو كلباً،
__________
وَالْبَقَرِ وَالرَّمَكِ وَالثِّيَابِ وَالدُّورِ وَالْأَرْضِينَ إلَّا الْأَرْضَ الْبَيْضَاءَ فَإِنَّهَا لِي وَفِي تَرِكَتِهِ جِنَانٌ لَمْ يَنُص عَلَيْهِ، قَالَ أَصْبَغُ: لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ إذَا كَانَ يَعْرِفُهُ وَأَرَى الْجِنَانَ إنْ كَانَ يَعْرِفُهُ دَاخِلًا فِي الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَثْنَى الْأَرْضَ الْبَيْضَاءَ وَلَمْ يَسْتَثْنِ الْجِنَانَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ هِيَ الْجِنَانُ عِنْدَ النَّاسِ، قَالَهُ فِي رَسْمِ الْقَضَاءِ الْمَحْضِ مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ مِيرَاثِهِ إلَّا الْأَرْضَ الْبَيْضَاءَ كَمَا قَالَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْجِنَانُ دَاخِلًا فِي الصَّدَقَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَ النَّاسِ مِنْ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ كَمَا قَالَ، انْتَهَى.
ص: "مِمَّنْ لَهُ تَبَرُّعٌ بِهَا" ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ ابْنُ شَاسٍ، وَابْنُ الْحَاجِبِ: الْوَاهِبُ مَنْ لَهُ التَّبَرُّعُ قُلْت: لَيْسَ التَّبَرُّعُ بِأَعْرَفَ مِنْ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْعَامِّيَّ يَعْرِفُهَا دُونَهُ وَالْأَوْلَى هُوَ مَنْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ، انْتَهَى. قَوْلُهُ: "لَا حَجْرَ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ" يُرِيدُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَصِحُّ لَهُ مِنْهُ الْهِبَةُ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ: "وَتَصِحُّ مِنْ الْمَرِيضِ فِي ثُلُثِهِ" إذْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِيهِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فرع: قَالَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّدَقَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَكُلُّ صَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ عَطِيَّةٍ بَتَلَهَا مَرِيضٌ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ حَتَّى مَاتَ فَذَلِكَ نَافِذٌ فِي ثُلُثِهِ كَوَصَايَاهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ حُكْمُ مَا أَعْتَقَ الْإِيقَافُ لِيَصِحَّ الْمَرِيضُ فَيُتِمَّ ذَلِكَ أَوْ يَمُوتَ فَيَكُونَ فِي الثُّلُثِ وَلَا يَتِمُّ فِيهِ لِقَابِضٍ فِي الْمَرَضِ قَبْضٌ وَلَوْ قَبَضَهُ كَانَ لِلْوَرَثَةِ إيقَافُهُ وَلَيْسَ لِمَنْ قَبَضَهُ أَكْلُ غَلَّتِهِ إنْ كَانَتْ لَهُ غَلَّةٌ وَلَا أَكْلُهُ إنْ كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ وَلَا رُجُوعَ لِلْمَرِيضِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ بَتْلٌ خِلَافُ الْوَصِيَّةِ وَلَا يَتَعَجَّلُ قَبْضُهُ إلَّا عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي الْمَرِيضِ لَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ فَيَنْفُذُ مَا بَتَلَ مِنْ عِتْقٍ وَغَيْرِهِ، انْتَهَى.
ص: (وَإِنْ مَجْهُولًا) ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَالْغَرَرُ فِي الْهِبَةِ لِغَيْرِ الثَّوَابِ يَجُوزُ إلَّا فِي الْبَيْعِ وَمَنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ مَوْرُوثَهُ مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ لَا يَدْرِي كَمْ هُوَ سُدُسٌ أَوْ رُبْعٌ أَوْ وَهَبَهُ نَصِيبَهُ مِنْ دَارٍ أَوْ جِدَارٍ وَهُوَ لَا يَدْرِي كَمْ ذَلِكَ فَذَلِكَ جَائِزٌ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي النَّوَادِرِ فِي كِتَابِ الْهِبَاتِ وَالصَّدَقَاتِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ.
وَقَالَ قَبْلَهُ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَأَعْرِفُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّ هِبَةَ الْمَجْهُولِ جَائِزَةٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: تَجُوزُ هِبَةُ الْمَجْهُولِ وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهَا كَثِيرَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ، انْتَهَى.
فرع: قَالَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: وَإِنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِبَيْتٍ مِنْ دَارِهِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ

الصفحة 6