كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 8)
النفقة من ماله فإن غيبه وصبر على الحبس فلها الفسخ وقال القاضي ليس لها ذلك وإن غاب ولم يترك لها نفقة ولم تقدر على مال له ولا الاستدانة عليه فلها الفسخ إلا عند القاضي فيما إذا لم يثبت إعساره .
ـــــــ
"النفقة من ماله" لأنها حق واجب عليه فإذا امتنع من عليه ذلك من أدائه وجب الدفع إلى مستحقه من مال خصمه كالدين بل أولى لأنها آكد من الدين بدليل جواز الأخذ بغير إذن المالك فإن لم يجد إلا عروضا أو عقارا باعه ودفع إليها من ثمنه كالنقدين ويدفعها منه يوما بيوم.
تنبيه : حكم وكيله حكمه في المطالبة والأخذ من المال عند امتناعه فإن ادعت يساره فأنكر فإن عرف له مال قبل قولها وإلا قوله وإن اختلفا في فرض الحاكم لها أو في وقتها فقال فرضها منذ شهر فقالت بل منذ عام قبل قوله لأن الأصل معه "فإن غيبه وصبر على الحبس فلها الفسخ" إذا غيب الزوج ماله وتعذر الإنفاق من جهته وصبر على الحبس فلها الفسخ كما لو كان معسرا وهو ظاهر الخرقي واختاره أبو الخطاب وقدمه في "المحرر" و"الفروع" لحديث عمر أنه كتب في رجال غابوا عن نسائهم فأمرهم أن ينفقوا أو يطلقوا وهذا إجبار على الطلاق عند الامتناع من الإنفاق لأن الإنفاق عليها من ماله متعذر فكان لها الخيار كحال الإعسار بل هذا أولى بالفسخ فإنه إذا جاز الفسخ على المعذور فغيره أولى "وقال القاضي" واختاره الأكثر قاله في "الترغيب" "ليس لها ذلك" أي لا تملك الفسخ لأن الفسخ لعيب المعسر ولم يوجد هنا ولأن الموسر في مظنة الأخذ من ماله ولأن الحاضر قد ينفق لطول الحبس "وإن غاب" موسر "ولم يترك لها نفقة ولم تقدر على مال له ولا الاستدانة عليه فلها الفسخ" لأنها تقدر على الوصول إلى نفقتها أشبه ما لو ثبت إعساره وظاهره انه إذا ترك لها نفقة أو قدرت علي مال له أو على الاستدانة عليه أنه لا فسخ لها لأن الإنفاق عليها من متعذر "إلا عند القاضي فيما إذا لم يثبت إعساره" لأن الفسخ ثبت لعيب الإعسار ولم يثبت الإعسار هنا وهذه مثل الأولي في الفسخ بل أولى