كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 8)
وقيل يبنى ذلك على الروايتين في ملك العبد بالتمليك ولو وهب له سيده أمة لم يكن له التسري بها إلا بإذنه.
ـــــــ
وأهل المدينة على هذا قيل لأبى عبد الله فمن احتج بهذه الرواية {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون:5] الآية فأي ملك للعبد قال إذا ملكه ملك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من اشترى عبدا وله مال فقد جعل له ملكا" وابن عمر وابن عباس اعلم بكتاب الله ممن احتج بهذه الآية ولأنه يملك في النكاح فملك التسري كالحر ولأنه آدمي فيملك المال كالحر وذلك لأنه بآدميته يتمهد لأهلية الملك إذا كان الله تعالى خلق الأموال للآدميين ليستعينوا بها على القيام بوظائف التكاليف وإذا ثبت الملك للجنين مع كونه نطفة لا حياة فيها باعتبار مآله إلى الآدمية فالعبد الذي هو آدمي مكلف أولى.
وظاهره أنه إذا تسرى بغير إذنه أن الولد ملك للسيد فإن أذن له فيه وأطلق تسرى بواحدة فقط كالتزويج وإن أذن له في أكثر من واحدة فله التسري بما شاء نص عليه لأن من جاز له التسري جاز له بغير حصر كالحر "وقيل يبنى ذلك على الروايتين في ملك العبد بالتمليك" كذا بناه القاضي وعامة من بعده احتج المانع بأن العبد لا يملك المال والوطء لا يكون إلا في نكاح أو ملك يمين للنص واحتج المجيز بما سلف إذ الشارع يثبت من الملك ما فيه مصلحة العباد ويمنع ما فيه فسادهم والعبد محتاج إلى النكاح فالمصلحة تقتضي ثبوت ملك البضع له وإلا فكون العبد يملك مطلقا إضرارا بالسيد ومنعه مطلقا إضرارا به فالعدل ثبوت قدر الحاجة وقولهم إنه لا يملك المال ممنوع "ولو وهب له سيده أمة لم يكن له التسري بها إلا بإذنه" لأن الهبة إن لم تصح فظاهر وإن صحت فالعبد محجور عليه لأنه لا يملك هبة ما في يده ولا شك أن ذلك يؤدي إلى تنقيص المال مرة وإلى الإعدام أخرى لأنها ربما حملت وذلك تنقيص ولذلك جعل عيبا في المبيع وربما ماتت منه وذلك إعدام فإن أذن له في التسري لم يصح رجوعه فيه نص عليه في رواية محمد بن ماهان وإبراهيم بن هانئ كالنكاح قال ابن حمدان حيث يجب إعفافه ولأنه ملكه بضعا أبيح له وطؤه كما لو زوجه.