كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 8)
وإن جرحه أحدهما جرحا والآخر مائة فهما سواء في القصاص والدية وإن قطع أحدهما من الكوع ثم قطعه الآخر من المرفق فهما قاتلان وإن فعل أحدهما فعلا لا تبقى الحياة معه كقطع
ـــــــ
كالإجماع ولأنها عقوبة تجب للواحد على الواحد فوجبت على الجماعة كحد القذف والفرق بين قتل الجماعة والدية أن الدم لا يتبعض بخلاف الدية وهذا إذا قلنا أن موجب العمد أحد شيئين القصاص أو الدية فمتى عفا عن القود تعينت الدية وإن قلنا موجبة القود فقط فللأولياء أن يعفو عن القليل والكثير من غير تقدير "وإن جرحه أحدهما جرحا والآخر مائة" جرح أو أوضحه أحدهما أو شجه الآخر أمة أو أحدهما جائفة والآخر غير جائفة "فهما سواء في القصاص والدية" لأن اعتبار التساوي يفضي إلى سقوط القصاص عن المشتركين إذ لا يكاد جرحان يتساويان من كل وجه ولو احتمل التساوي لم يثبت الحكم لأن الشرط يعتبر العلم بوجوده ولا يكتفى باحتمال الوجود بل الجهل بوجوده كالعلم بعدمه في انتفاء الحكم ولأن الجرح الواحد يحتمل أن يموت به دون المائة.
فرع : إذا اشترك ثلاثة فقطع أحدهم يده والآخر رجله والثالث أوضحه فمات فللولي قتل جميعهم والعفو عنهم إلى الدية ويأخذ من كل واحد ثلثها وله أن يعفو عن واحد فيأخذ منه ثلث الدية ويقتل الآخرين وأن يعفو عن اثنين فيأخذ منهما ثلثي الدية ويقتل الثالث "وإن قطع أحدهما من الكوع ثم قطعه الآخر من المرفق فهما قاتلان" أي فهما سواء في القصاص أو الدية إذا قطع الثاني قبل بروء جراحة الأول على المذهب لأنهما قطعان فإذا مات بعدهما وجب عليهما القصاص كما لو كانا في يدين وقيل القاتل هو الثاني فيقاد الأول لأن قطع الثاني قطع سراية قطعه ومات بعد زوال جنايته وعلى الأول إن سقط القود بعفو غرما ديته نصفين وإن اندمل الجرحان فعلى من قطع من الكوع القود وعلى الآخر حكومة وعنه ثلث دية اليد ولو قتلوه بأفعال لا يصلح واحد لقتله نحو أن يضربه كل منهم سوطا في حاله أو متواليا فلا قود وفيه عن تواطئ وجهان قاله في "الترغيب" "وإن فعل أحدهما فعلا لا تبقى الحياة معه كقطع