كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 8)
حشوته أو مريئه أو ودجيه ثم ضرب عنقه آخر فالقاتل هو الأول ويعزر الثاني وإن شق الأول بطنه أو قطع يده ثم ضرب الثاني عنقه فالقاتل هو الثاني وعلى الأول ضمان ما أتلف بالقصاص أو الدية وإن رماه من شاهق فتلقاه آخر بسيف فقده فالقاتل هو الثاني.
ـــــــ
حشوته" بضم الحاء وكسرها أمعاؤه "أو مريئه" بالهمز وهو مجرى الطعام والشراب في الحلق "أو ودجيه" بفتح الواو وكسرها والودجان هما عرقان في العنق "ثم ضرب عنقه آخر فالقاتل هو الأول" لأن الحياة لا تبقى مع جنايته "ويعزر الثاني" كما لو جنى على ميت فلهذا لا يضمنه ودل على أن هذا التصرف فيه كميت لو كان عبدا فلا يصح بيعه كذا جعلوا الضابط من يعيش مثله ومن لا يعيش وكذا علل الخرقي المسألتين مع أنه قال في الذي لا يعيش خرق بطنه وأخرج حشوته فقطعها فأبانها منه وهذا يقتضي أنه لو لم يبنها لم يكن حكمه كذلك مع أنه بقطعها لا يعيش فاعتبر كونه لا يعيش في موضع خاص فتعميم الأصحاب فيه نظر "وإن شق الأول بطنه أو قطع يده ثم ضرب الثاني عنقه فالقاتل هو الثاني" لأنه هو المفوت للنفس جزما فعلى هذا عليه القصاص في النفس والدية إن عفا عنه لأنه لم يخرج بجرح الأول من حكم الحياة "وعلى الأول ضمان ما أتلف" لأنه حصل بجنايته "بالقصاص أو الدية" لأن الحياة تارة تكون موجبة للقصاص كقطع اليد عمدا وتارة لا تكون كذلك كقطعها خطأ لكن جرح الأول إن كان موجبا للقصاص خير بين قطع طرفه والعفو عن ديته والعفو مطلقا وإن كان لا يوجب قودا كالجائفة فعليه الأرش وإنما جعلنا عليه القصاص لأن الثاني بفعله قطع سراية الأول وإن كان جرح الأول يفضي إلى الموت لا محالة إلا أنه لا يخرج به من حكم الحياة وتبقى معه الحياة المستقرة فالقاتل هو الثاني لأن عمر لما جرح وسقي لبنا فخرج من جوفه فعلم أنه ميت وعهد إلى الناس وجعل الخلافة في أهل الشورى فقبل الصحابة عهده وعملوا به "وإن رماه من شاهق فتلقاه آخر بسيف فقده فالقاتل هو الثاني" لأنه فوت حياته قبل المصير إلى حال ييأس فيها من حياته أشبه ما لو رماه بسهم فبادره آخر فقطع عنقه قبل وصول