كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 8)

باب استيفاء القصاص
ويشترط له ثلاثة شروط : أحدها : أن يكون منة يستحقه مكلفا ، فإن كان صبيا أو مجنونا ، لم يجز استيفاؤه . ويحبس القاتل حتى يبلغ الصبي و يعقل المجنون .
ـــــــ
باب استيفاء القصاص
وهو فعل مجني عليه أو وليه بجان مثل ما فعل أو شبهه "ويشترط له ثلاثة شروط أحدها أن يكون من يستحقه مكلفا" لأن غير المكلف ليس أهلا للاستيفاء لعدم تكليفه بدليل أنه لا يصح إقراره ولا تصرفه لأن غير المكلف إما صبي أو مجنون وكلاهما لا يؤمن منه الحيف على الجاني ولا يقوم وليه مقامه لأن القصاص شرع للتشفي فلم يقم غيره مقامه "فإن كان صبيا أو مجنونا لم يجز استيفاؤه" لما ذكرنا والقود ليس لأبيه ولا لغيره استيفاؤه وعنه بلى حكاها أبو الخطاب وقالها الأكثر لأن القصاص أحد بدلي النفس فكان للأب استيفاؤه كالدية وكذلك الحكم في الوصي والحاكم في الطرف دون النفس والأول هو ظاهر المذهب لأنه لا يملك إيقاع الطلاق بزوجته فلم يملك استيفاء القصاص كالوصي ولأن القصد التشفي وترك الغيظ و لا يحصل ذلك باستيفاء الأب بخلاف الدية فإن الغرض يحصل باستيفائه ولأن الدية إنما يحصل استيفاؤها إذا تعينت والقصاص لا يتعين فعلى هذا "يحبس القاتل حتى يبلغ الصبي ويعقل المجنون" ويقدم الغائب لأن فيه حظا للقاتل بتأخير قتله وحظا للمستحق بإيصاله إلى حقه ولأنه يستحق إتلاف نفسه ومنفعته فإذا تعذر استيفاء النفس لعارض بقي إتلاف المنفعة سالما عن المعارض وقد حبس معاوية هدبة بن خشرم في قود حتى يبلغ ابن القتيل فلم ينكر ذلك وبذل الحسن والحسين وسعيد بن العاص لابن القتيل سبع ديات فلم يقبلها لا يقال يجب أن يخلى سبيله كالمعسر لما في تخليته من تضييع الحق لأنه لا يؤمن هربه والفرق بينهما من وجوه أحدهما أن قضاء الدين لا يجب مع الإعسار فلا يحبس بما لا يجب والقصاص واجب

الصفحة 241