كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 8)
وللباقين حقهم من الدية على الجاني ، فإن قتله الباقون عالمين بالعفو وسقوط القصاص به ، فعليهم القود ، وإلا فلا قود عليهم ، وعليهم ديته ، وسواء كان الجميع حاضرين أو بعضهم غائبا .
ـــــــ
أحمد وأبو داود والنسائي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن يعقل عن المرأة عصبتها من كانوا ولا يرثوا منها إلا ما فضل عن ورثتها وإن قتلت فعقلها بين ورثتها وهم يقتلون قاتلها ولحديث عائشة وقول عمر رواه سعيد وأبو داود وعموم قوله عليه السلام "فأهله بين خيرتين" وهو عام في جميع أهله و المرأة منهم وكسائر حقوقه وذا سقط بعضه سقط كله لأنه لا يتبعض كالطلاق و العتاق والمرأة مستحقة فسقط بإسقاطها كالرجل وزوال الزوجية لا يمنع استحقاق القود كما لم يمنع استحقاق الدية وكذا لو شهد أحدهم ولو مع فسقة بعفو بعضهم "وللباقين حقهم من الدية على الجاني" سواء عفا مطلقا أو إلى الدية لا نعلم فيه خلافا لأن حقه من القصاص سقط بغير رضاه فثبت له البدل كما لو ورث القاتل بعض دمه أو مات وفي "التبصرة" إن عفا أحدهم فللبقية الدية وهل يلزمهم حقهم من الدية فيه روايتان "فإن قتله الباقون عالمين بالعفو وسقوط القصاص به فعليهم القود" لأنه قتل عمد عدوان أشبه ما لو قتلوه ابتداء سواء حكم به حاكم أو لا "و إلا فلا قود عليهم" أي إذا قتله غير عالم بالعفو أو غير عالم بأن العفو مسقط للقود لم يجب قود لأن ذلك شبهة قد درأت القود كالوكيل إذا قتله بعد العفو وقبل العلم ولا فرق بين أن يكون الحاكم قد حكم بالعفو أولا لأن الشبهة موجودة مع انتفاء العلم معدومة عند وجوده "وعليهم ديته" في كل موضع لا قود فيه لأن القتل قد تعذر والدية بدله وهي متعينة عند تعذره أما العفو عن القصاص فإنه يسقط عنه منها ما قابل حقه على القاتل قصاصا ويجب عليه الباقي فإن كان الولي عفا إلى غير مال فالواجب لورثة القاتل وعليهم نصيب العافي من الدية وقيل حق العافي من الدية على القاتل وفيه نظر لأن الحق لم يبق متعلقا بعينه وإنما الدية واجبة في ذمته كما لو قتل غريمه "وسواء كان الجميع حاضرين أو بعضهم غائبا" لاستوائهما معنى