كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 8)

و الواجب بقتل العمد أحد شيئين القصاص أو الدية في ظاهر المذهب و الخيرة فيه إلى الولي إن شاء اقتص وإن شاء أخذ الدية وإن شاء عفا إلى غير شيء
ـــــــ
ويكون القتيل أو الولي على هذا أخا للقاتل من حيث الدين والصحبة وإن لم يكن بينهما نسب ونكر "شيئا" للإيذان بأنه إذا عفا له عن بعض الدم أو عفا بعض الورثة سقط القصاص ووجبت الدية فيكون العفو على هذا بمعنى الإسقاط "ذلك" أي المذكور من العفو وأخذ الدية {تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ } [البقرة:178] لأن القصاص كان حتما على اليهود وحرم عليهم العفو والدية وكانت الدية حتما على النصارى وحرم عليهم القصاص فخيرت هذه الأمة بين القصاص وأخذ الدية والعفو وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع إليه أمر فيه القصاص إلا أمر فيه بالعفو رواه الخمسة إلا الترمذي من حديث أنس والقياس يقتضيه لأن القصاص حق له فجاز تركه كسائر الحقوق "والواجب بقتل العمد أحد شيئين القصاص أو الدية في ظاهر المذهب" هذا قول الجماعة ل قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة:178] أوجب الإتباع بمجرد العفو ولو وجب بالعمد القصاص عينا لم تجب الدية عند العفو المطلق "والخيرة فيه إلى الولي إن شاء اقتص وإن شاء أخذ الدية وإن شاء عفا إلى غير شيء" وإن شاء قتل البعض إذا كان القاتلون جماعة ولا يسقط القصاص عن البعض بالعفو عن البعض فمتى اختار الأولياء الدية من القاتل أو من بعض القتلة كان لهم ذلك من غير رضى الجاني لقول ابن عباس كان في بني إسرائيل القصاص ولم تكن فيهم الدية فأنزل الله تعالى هذه الآية: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة:178] الآية رواه البخاري وعن أبي هريرة مرفوعا "من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يفدي وإما أن يقتل" متفق عليه
وعن أبي شريح الخزاعي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أصيب بدم أو خبل والخبل الجراح فهو بالخيار بين إحدى ثلاث إما أن يقتص أو يأخذ العقل أو يعفو فإن أراد رابعة فخذوا على يديه" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة من رواية سفيان بن أبي العوجاء وفيه ضعف ولأن له أن يختار

الصفحة 257