كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 8)

والعفو أفضل فإن اختار القصاص فله العفو على الدية ولم يملك طلبه و عنه أن الواجب القصاص عينا
ـــــــ
أيهما شاء فكان الواجب أحدهما كالهدي والطعام في جزاء الصيد "والعفو" مجانا "أفضل" ل قوله تعالى: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ } [المائدة: 45] ولقوله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى:40] وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر به ثم لا عقوبة على جان لأنه إنما عليه حق واحد وقد سقط كعفو عن دية قاتل خطأ ذكره المؤلف وغيره قال الشيخ تقي الدين العدل نوعان أحدهما هو الغاية وهو العدل بين الناس والثاني ما يكون الإحسان أفضل منه وهو عدل الإنسان بينه وبين خصمه من الدم والمال والعرض فإن استيفاء حقه عدل والعفو إحسان والإحسان هنا أفضل لكن هذا الإحسان لا يكون إحسانا إلا بعد العدل وهو ألا يحصل بالعفو ضرر فإذا حصل منه ضرر كان ظلما من العافي إما لنفسه وإما لغيره فلا يشرع ومحله ما لم يكن كمجنون أو صغير فإنه لا يصح العفو إلى غير مال لأنه لا يملك إسقاط حقه.
فرع : يصح بلفظ الصدقة والإسقاط كالعفو لأنه إسقاط للحق بكل لفظ يؤدي معناه "فإن اختار القصاص فله العفو على الدية" لما فيه من المصلحة له وللجاني أما أولا فلما في العفو عن القصاص من الفضيلة وأما ثانيا فلما فيه من سقوط القصاص عنه وله الصلح على أكثر من الدية في الأصح وخرج ابن عقيل في غير الصلح لا يجب شيء كطلاق من أسلم وتحته فوق أربع قيل له في "الانتصار" لو كان المال بدل النفس في العمد لم يجز الصلح على أكثر من الدية فقال كذا نقول على رواية يجب أحد شيئين اختاره بعض المتأخرين "وإن اختار الدية" تعينت "سقط القصاص" لأن من وجب له أحد شيئين يتعين حقه باختيار أحدهما قال أحمد إذا أخذ الدية فقط عفا عن الدم "ولم يملك طلبه" لأن القصاص إذا سقط لا يعود فلو قتله بعد أخذ الدية قتل به وعنه أن الواجب القصاص عينا ل قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178] والمكتوب لا يتخير فيه ولقوله عليه السلام من قتل عمدا فهو قود ولأنه بدل متلف فكان معينا كسائر المتلفات وجوابه بأن قوله فهو قود المراد به

الصفحة 258