كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 8)
وسراية القود غير مضمونة فلو قطع اليد قصاصا فسرى إلى النفس فلا شيء على القاطع ولا يقتص من الطرف إلا بعد برئه.
ـــــــ
وقال ابن أبي موسى لا قود بنقصه بعد برئه ويجب الأرش في ماله فلا تحمله العاقلة لأنه جناية عمد وإذا قطع له إصبعا فشلت أصابعه الباقية وكفه وجب له نصف الدية وإن اقتص من الإصبع فله في الباقية أربعون من الإبل ويتبعها ما حاذى الكف وهو أربعة أخماس فيدخل أرشه فيها ويبقى خمس منها للكف وفيه وجهان "وسراية القود غير مضمونة" في قول الجمهور لما روى سعيد أن عمر وعلي بن أبي طالب قالا من مات من حد أو قصاص لا دية له الحق قتله ولأنه قطع مستحق مقدر فلا تضمن سرايته كقطع السارق ولا فرق بين سرايته إلى النفس أو إلى ما دونها "فلو قطع اليد قصاصا فسرى إلى النفس فلا شيء على القاطع" لأنه مستحق له بخلاف قسم الخطأ واحتج الأصحاب بمسألة اقتلني أو اجرحني مع تحريم الإذن والقطع فهنا أولى ويستثنى من ذلك ما إذا استوفاه قهرا مع الخوف منها كحر أو برد أو كلول آلة أو مسمومة فإنه يضمن بقية الدية وقال القاضي يضمن نصفها وقال ابن عقيل من له قود في نفس أو طرف فقطع طرفه فسرى إلى أوصال من عليه الدية فدفعه دفعا جائرا فقتله هل يكون مستوفيا لحقه كما يجزئ إطعام مضطر من كفارة قد وجب عليه بذله له وكذا من دخل مسجدا فصلى قضاء ونوى كفاء عن تحية المسجد فيه احتمالان "ولا يقتص من الطرف إلا بعد برئه" في قول الأكثر وهو الأصح لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا طعن رجلا بقرن في ركبته فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أقدني فقال: "حتى تبرأ" ثم جاء إليه فقال أقدني فأقاده ثم جاء إليه يا رسول الله عرجت فقال: "قد نهيتك فعصيتني فأبعدك الله وبطل عرجك" ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتص من جرح حتى يبرأ رواه أحمد والدارقطني ولأن الجرح لا يدرى أيؤدي إلى القتل أم لا فيجب أن ينتظر ليعلم حكمه وفي ثانية وحكاها في "الشرح" تخريجا يجب قبل البرء بناء على قولنا أنه إذا سرى إلى النفس يفعل به كما فعل لأن القصاص في الطرف لا يسقط بالسراية فوجب أن يملكه في الحال كما لو برئ لكن الأولى تركه