كتاب المبدع شرح المقنع - عالم الكتب (اسم الجزء: 8)

والعقل والمشي والأكل والنكاح وتجب في الحدب والصعر وهو أن يضربه فيصير الوجه في جانب وفي تسويد الوجه إذا لم يزل.
ـــــــ
بإتلافه تعلقت بإتلاف منفعته كاليد "والعقل" بالإجماع وسنده ما في كتاب عمرو بن حزم لأنه أكثر المعاني قدرا وأعظم الحواس نفعا فإنه يتميز به عن البهيمة ويعرف به صحة حقائق المعلومات ويهتدي به إلى المصالح ويدخل به في التكليف وهو شرط في ثبوت الولايات وصحة التصرفات وأداء العبادات فكان أولى من بقية الحواس.
فرع : إذا نقص نقصا معلوما وجب بقدره وإن لم يعرف قدره فحكومة وإن كانت الجناية المذهبة للعقل ولها أرش كالموضحة وجبت الدية وأرش الجرح ولا تدخل أرش الجناية المذهبة له في ديته نص عليه كما لو أوضحه فذهب بصره وقيل بلى ويدخل الأقل في الأكثر.
"والمشي" لأن منفعته مقصودة أشبه الكلام "والأكل" لأنه نفع مقصود كالشم "والنكاح" أي إذا كسر صلبه فذهب نكاحه ففيه الدية وروي عن علي لأنه مقصود أشبه ذهاب المشي.
"وتجب في الحدب" بفتح الحاء والدال مصدر حدب بكسر الدال إذا صار أحدب لأن بذلك تذهب المنفعة والجمال لأن انتصاب القامة من الكمال والجمال وبه يشرف الآدمي على سائر الحيوانات وهذا الذي ذكره المؤلف في الكلام وما بعده هو رواية عن أحمد واختاره المجد وجزم به في "الوجيز" وخالف فيه القاضي وغيره وهو ظاهر المذهب قاله ابن الجوزي "والصعر" وهو أن يضربه فيصير الوجه في جانب" نص عليه وأصل الصعر داء يأخذ البعير في عنقه فيلتوي منه عنقه قال الله تعالى: {ولا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} [لقمان:18] أي لا تعرض عنهم بوجهك تكبرا وهو قول زيد رواه مكحول ولم نعرف له مخالفا فكان كالإجماع ولأنه أذهب الجمال والمنفعة فوجب فيه ديته كسائر المنافع وقال في "المغني" و"الشرح" و"الترغيب" أولا يبلع ريقه ففيه الدية لأنه تفويت منفعة ليس لها مثل في البدن "وفي تسويد الوجه إذا لم يزل" لأنه فوت

الصفحة 329