كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 8)

عُبَيْدَة بن الْجراح، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عِنْد ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من عَاد مَرِيضا أَو أماط أَذَى من الطَّرِيق فحسنته بِعشر أَمْثَالهَا) . وَحَدِيث الْمسيب بن حزن. وَحَدِيث سلمَان عِنْد الطَّبَرَانِيّ قَالَ: (دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعودنِي فَلَمَّا أَرَادَ أَن يخرج قَالَ: يَا سلمَان كشف الله ضرك وَغفر ذَنْبك وعافاك فِي دينك وجسدك إِلَى أَجلك. وَحَدِيث عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ عِنْد الْحَاكِم فِي (الْمُسْتَدْرك) : (جَاءَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعودنِي من وجع اشْتَدَّ بِي. .) . وَحَدِيث عَوْف بن مَالك عِنْد الطَّبَرَانِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (قَالَ: عودوا الْمَرِيض وَاتبعُوا الْجِنَازَة) . وَحَدِيث أبي الدَّرْدَاء عِنْد الطَّبَرَانِيّ أَيْضا: (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الرجل إِذا خرج يعود أَخَاهُ مُؤمنا خَاضَ فِي الرَّحْمَة إِلَى حقْوَيْهِ، فَإِذا جلس عِنْد الْمَرِيض فَاسْتَوَى جَالِسا غمرته الرَّحْمَة) . وَحَدِيث صَفْوَان بن عَسَّال عِنْد الطَّبَرَانِيّ أَيْضا قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من زار أَخَاهُ الْمُؤمن خَاضَ فِي الرَّحْمَة حَتَّى يرجع، وَمن زار أَخَاهُ الْمُؤمن خَاضَ فِي رياض الْجنَّة حَتَّى يرجع) . وَحَدِيث معَاذ بن جبل عِنْد الطَّبَرَانِيّ أَيْضا قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (خمس من فعل وَاحِدَة مِنْهُنَّ كَانَ ضَامِنا على الله تَعَالَى، من عَاد مَرِيضا أَو خرج مَعَ جَنَازَة أَو خرج غازيا أَو دخل على إِمَامه يُرِيد تعزيزه وتوقيره، أَو قعد فِي بَيته فَسلم النَّاس مِنْهُ وَسلم من النَّاس) . وَحَدِيث جُبَير بن مطعم عِنْده أَيْضا قَالَ: (رَأَيْت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَاد سعيد بن الْعَاصِ، فَرَأَيْت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يكمده بِخرقَة) . وَحَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، عِنْد سيف فِي (كتاب الرِّدَّة) قَالَت: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (العيادة سنة عودوا غبا، فَإِن أُغمي على مَرِيض فحتى يفِيق) . وَحَدِيث فَاطِمَة الْخُزَاعِيَّة عِنْد ابْن أبي الدُّنْيَا قَالَت: (عَاد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، امْرَأَة من الْأَنْصَار فَقَالَ: كَيفَ تجدك؟ قَالَت: بِخَير يَا رَسُول الله. .) الحَدِيث. وَحَدِيث أم سليم عِنْد ابْن أبي الدُّنْيَا أَيْضا فِي (كتاب المرضى وَالْكَفَّارَات) قَالَت: (مَرضت فعادني رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: يَا أم سليم أتعرفين النَّار والْحَدِيث وخبث الْحَدِيد؟ قلت: نعم يَا رَسُول الله. قَالَ: فأبشري يَا أم سليم، فَإنَّك إِن تخلصي من وجعك هَذَا تخلصي مِنْهُ كَمَا يخلص الْحَدِيد من النَّار من خبثه) . وَحَدِيث أم الْعَلَاء عِنْد أبي دَاوُد قَالَت: (عادني رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَنا مَرِيضَة) الحَدِيث.
الْوَجْه الثَّالِث: فِي إِجَابَة الدَّاعِي، وَسَيَأْتِي فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: (إِن من حق الْمُسلم على الْمُسلم أَن يجِيبه إِذا دَعَاهُ) ، وَفِي (التَّوْضِيح) : إِن كَانَت إِجَابَة الدَّاعِي إِلَى نِكَاح فجمهور الْعلمَاء على الْوُجُوب، قَالُوا: وَالْأكل وَاجِب على الصَّائِم، وَعِنْدنَا مُسْتَحبّ. وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: إِذا دَعَا الْمُسلم الْمُسلم إِلَى الضِّيَافَة والمعاونة وَجب عَلَيْهِ طَاعَته إِذا لم يكن ثمَّ يتَضَرَّر بِدِينِهِ من الملاهي ومفارش الْحَرِير. وَقَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث: إِذا دعيت إِلَى وَلِيمَة فَإِن لم يكن مَاله حَرَامًا وَلم يكن فِيهَا فسق فَلَا بَأْس بالإجابة، وَإِن كَانَ مَاله حَرَامًا فَلَا يُجيب، وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ فَاسِقًا مُعْلنا فَلَا يجِيبه ليعلم أَنَّك غير رَاض بِفِسْقِهِ، وَإِذا أتيت وَلِيمَة فِيهَا مُنكر عَن ذَلِك فَإِن لم ينْتَهوا عَن ذَلِك فَارْجِع لِأَنَّك إِن جالستهم ظنُّوا أَنَّك راضٍ بفعلهم، وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (من تشبه بِقوم فَهُوَ مِنْهُم) ، وَقَالَ بَعضهم: إِجَابَة الدعْوَة وَاجِبَة لَا يسع تَركهَا، وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (من لم يجب الدعْوَة فقد عصى أَبَا الْقَاسِم) . وَقَالَ عَامَّة الْعلمَاء: لَيست بواجبة وَلكنهَا سنة، وَالْأَفْضَل أَن يُجيب إِذا كَانَت وَلِيمَة يدعى فِيهَا الْغَنِيّ وَالْفَقِير، وَإِذا دعيت إِلَى وَلِيمَة وَأَنت صَائِم فَأخْبرهُ بذلك، فَإِن قَالَ: لَا بُد لَك من الْحُضُور فأجبه، فَإِذا دخلت الْمنزل فَإِن كَانَ صومك تَطَوّعا وَتعلم أَنه لَا يشق عَلَيْهِ ذَلِك لَا تفطر، وَإِن علمت أَنه يشق عَلَيْهِ امتناعك من الطَّعَام فَإِن شِئْت فَأفْطر واقض يَوْمًا مَكَانَهُ، وَإِن شِئْت فَلَا تفطر، والإفطار أفضل لِأَن فِيهِ إِدْخَال السرُور على الْمُؤمن.
الْوَجْه الرَّابِع: فِي نصر الْمَظْلُوم، وَهُوَ فرض على من قدر عَلَيْهِ، ويطاع أمره، وَعَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: (قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أنْصر أَخَاك ظَالِما أَو مَظْلُوما، فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله أنصره إِن كَانَ مَظْلُوما، أَفَرَأَيْت إِن كَانَ ظَالِما كَيفَ أنصره؟ قَالَ: تحجزه أَو تَمنعهُ عَن الظُّلم فَإِن ذَلِك نَصره) . رَوَاهُ البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ، وَفِي رِوَايَة مُسلم عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

الصفحة 10