كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 8)

لِأَن كلا مِنْهُمَا روى عَن أبي مُعَاوِيَة، وَلَكِن جزم أَبُو عَليّ بن السكن فِي رِوَايَته عَن الْفربرِي أَنه مُحَمَّد بن سَلام. الثَّانِي: أَبُو مُعَاوِيَة مُحَمَّد بن خازم، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالزَّاي: الضَّرِير. الثَّالِث: أَبُو إِسْحَاق بن أبي سُلَيْمَان فَيْرُوز الشَّيْبَانِيّ، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة. الرَّابِع: عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ. الْخَامِس: عبد الله بن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده، وَهُوَ البيكندي البُخَارِيّ، وَبَقِيَّة الروَاة كوفيون. وَفِيه: ذكر شَيْخه بِلَا نِسْبَة وإثنان بالكنية وَوَاحِد بِالنِّسْبَةِ إِلَى شعب بطن من هَمدَان.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّلَاة عَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن غنْدر، وَفِي الْجَنَائِز عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم وَسليمَان بن حَرْب وحجاج بن منهال، فرقهم أربعتهم عَن شُعْبَة، وَفِيه عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن عبد الْوَاحِد وَعَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن جرير وَعَن مُحَمَّد وَعَن أبي مُعَاوِيَة هُنَا وَعَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم عَن يحيى بن أبي بكير عَن زَائِدَة، خمستهم عَن أبي إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ عَنهُ بِهِ. وَأخرجه مُسلم فِي الْجَنَائِز عَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن الْحسن بن الرّبيع وَأبي كَامِل الجحدري وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعَن عبيد الله بن معَاذ وَعَن الْحسن بن الرّبيع وَمُحَمّد بن عبد الله بن نمير وَعَن يحيى ابْن يحيى وَعَن مُحَمَّد بن حَاتِم وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَهَارُون بن عبد الله وَعَن أبي غَسَّان، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُحَمَّد ابْن الْعَلَاء، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن أَحْمد بن منيع. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم وَعَن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن عَليّ بن مُحَمَّد.
ذكر اخْتِلَاف الْأَلْفَاظ فِيهِ: وَفِي لفظ للْبُخَارِيّ: (فَقَالَ: مَتى دفن؟ فَقَالُوا: البارحة) . وَفِي لفظ مُسلم: (انْتهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى قبر رطب) . وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: روى هريم بن سُفْيَان عَن الشّعبِيّ (فَقَالَ: بعد مَوته بِثَلَاث لَيَال) ، وروى عَن إِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّاء عَن الشَّيْبَانِيّ، (فَقَالَ: صلى على قَبره بعد مَا دفن بليلتين) ، وَرَوَاهُ بشر بن آدم وَغَيره عَن أبي عَاصِم عَن سُفْيَان عَن الشَّيْبَانِيّ: (صلى على قبر بعد شهر) . وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: تفرد بِهَذَا بشر بن آدم وَخَالفهُ عَن أبي عَاصِم وَهُوَ الْعَبَّاس بن مُحَمَّد، فَقَالَ: (صلى على قبر بَعْدَمَا دفن) ، وروى التِّرْمِذِيّ بِإِسْنَادِهِ عَن سعيد بن الْمسيب: (أَن أم سعد مَاتَت وَالنَّبِيّ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، غَائِب، فَلَمَّا قدم صلى عَلَيْهَا وَقد مضى لذَلِك شهر) . وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: (قَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق: (أَكثر مَا سمعنَا عَن ابْن الْمسيب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى على قبر أم سعد بن عبَادَة بعد شهر) . فَإِن قلت: قد وَردت الصَّلَاة على الْقَبْر بعد سنة فِيمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من رِوَايَة أبي معبد بن معبد بن أبي قَتَادَة أَن الْبَراء بن معْرور كَانَ أول من اسْتقْبل الْقبْلَة وَكَانَ أحد السّبْعين النُّقَبَاء فَقدم الْمَدِينَة قبل أَن يُهَاجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعل يُصَلِّي نَحْو الْقبْلَة، فَلَمَّا حَضرته الْوَفَاة أوصى بِثلث مَاله لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَضَعهُ حَيْثُ يَشَاء، وَقَالَ: وجهوني إِلَى الْقبْلَة فِي قَبْرِي، فَقدم النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بعد سنة فصلى عَلَيْهِ هُوَ وَأَصْحَابه، ورد ثلث مِيرَاثه على وَلَده. قلت: قَالَ الْبَيْهَقِيّ بعد رِوَايَته: كَذَا وجدت فِي كتابي، وَالصَّوَاب: بعد شهر.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (مَاتَ إِنْسَان كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعودهُ) قيل: الْإِنْسَان هَذَا هُوَ: طَلْحَة بن الْبَراء ابْن عُمَيْر البلوي، حَلِيف الْأَنْصَار، وروى الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق عُرْوَة بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه (عَن حُصَيْن بن وحوح الْأنْصَارِيّ: أَن طَلْحَة بن الْبَراء مرض فَأَتَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعودهُ، فَقَالَ: إِنِّي لَا أرى طَلْحَة إلاَّ قد حدث فِيهِ الْمَوْت، فآذنوني بِهِ وعجلوا، فَلم يبلغ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني سَالم بن عَوْف حَتَّى توفّي، وَكَانَ قَالَ لأَهله لما دخل اللَّيْل: إِذا مت فادفنوني وَلَا تَدْعُو رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنِّي أَخَاف عَلَيْهِ يهود أَن يصاب بسببي، فَأخْبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين أصبح، فجَاء حَتَّى وقف على قَبره فَصف النَّاس مَعَه ثمَّ رفع يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إلق طَلْحَة يضْحك إِلَيْك وتضحك إِلَيْهِ) . وَأخرجه أَبُو دَاوُد مُخْتَصرا من حَدِيث الْحصين بن وحوح: (أَن طَلْحَة بن الْبَراء مرض فَأَتَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعودهُ فَقَالَ: إِنِّي لَا أرى طَلْحَة إلاَّ قد حدث بِهِ الْمَوْت، فآذنوني بِهِ وعجلوا فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لجيفة مُسلم أَن تحبس بَين ظهراني أَهله. .) وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : إِن هَذَا الْإِنْسَان هُوَ الْمَيِّت الْمَذْكُور

الصفحة 25