كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 8)

فِيهِ من الإلفاف، وَذكر فِيهِ لَفْظَة الْإِشْعَار مَعَ أَنه لَيْسَ فِيهِ صِيغَة الْأَمر، ثمَّ فسره بِصِيغَة الْأَمر. بقوله: (ألففنها فِيهِ) ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ طلب الِاخْتِصَار، وَتَقْدِيره: أَن الْإِشْعَار هُوَ اللف، فَمَعْنَى: أشعرنها إِيَّاه، ألففنها فِيهِ. وَلَا التباس فِيهِ للقرينة الدَّالَّة على ذَلِك. قَوْله: (وَكَذَلِكَ كَانَ ابْن سِيرِين) أَي: قَالَ أَيُّوب: وَكَذَلِكَ كَانَ مُحَمَّد بن سِيرِين يَأْمر بِالْمَرْأَةِ أَن تشعر، أَي: تلف، وتشعر على صِيغَة الْمَجْهُول وَكَذَلِكَ قَوْله: (وَلَا تؤزر) أَي: وَلَا تجْعَل الشعار عَلَيْهَا مثل الْإِزَار، لِأَن الْإِزَار لَا يعم الْبدن بِخِلَاف الشعار. وَكَانَ ابْن سِيرِين أعلم التَّابِعين بِعَمَل الْمَوْتَى، وَأَيوب بعده. قَوْله: (لَا تؤزر) ، بِضَم التَّاء وَسُكُون الْهمزَة وَفتح الزَّاي، وَيجوز بِفَتْح الْهمزَة وَتَشْديد الزَّاي من: التأزير.

61 - (بابٌ هَلْ يُجْعَلُ شَعرُ المَرْأةِ ثَلاَثَةَ قُرُونٍ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: هَل يَجْعَل شعر الْمَرْأَة ثَلَاثَة قُرُون؟ أَي: ضفائر؟ وَجَوَاب الِاسْتِفْهَام مَحْذُوف تَقْدِيره يَجْعَل، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن فِي غَالب النّسخ: بَاب يَجْعَل. . إِلَى آخِره، بِدُونِ كلمة: هَل.

2621 - حدَّثنا قَبِيصَةُ قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ عنْ هِشَامٍ عنْ أمِّ الهُذَيْلِ عنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ ضَفَرْنَا شَعَرَ بِنْتِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَعْنِي ثَلاَثَةَ قُرُونٍ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: قبيصَة، بِفَتْح الْقَاف وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن عقبَة العامري. الثَّانِي: سُفْيَان الثَّوْريّ. الثَّالِث: هِشَام بن حسان الفردوسي الْأَزْدِيّ. الرَّابِع: أم الْهُذيْل، بِضَم الْهَاء وَفتح الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَفِي آخِره لَام، وَاسْمهَا: حَفْصَة بنت سِيرِين. الْخَامِس: أم عَطِيَّة.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: أَن شَيْخه وَشَيخ شَيْخه كوفيان وَهِشَام بَصرِي وَأم الْهُذيْل مصريان. وَفِيه: ثَلَاثَة ذكرُوا من غير نِسْبَة. وَفِيه: اثْنَتَانِ مذكورتان بالكنية، وَلم تذكر أم حَفْصَة بكنيتها إلاَّ فِي هَذَا الطَّرِيق.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (ضفرنا) ، بالضاد وَتَخْفِيف الْفَاء، من الضفر وَهُوَ نسج الشّعْر عريضا، وَكَذَلِكَ التضفير. قَوْله: (تَعْنِي) أَي: أم عَطِيَّة. قَوْله: (ثَلَاثَة قُرُون) أَي: ضفائر.
وَقَالَ وَكِيعٌ قَالَ سفْيَانُ ناصِيَتَهَا وَقَرْنَيْهَا

أَي: قَالَ وَكِيع بن جراح عَن سُفْيَان الثَّوْريّ بِهَذَا الْإِسْنَاد: ناصيتها وقرنيها، أَي: جَانِبي رَأسهَا، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن مُحَمَّد بن علوِيَّة: حَدثنَا عَمْرو بن عبد الله حَدثنَا وَكِيع عَن سُفْيَان، وَرَوَاهُ أَيْضا عَن حَارِث الْمحَاربي عَن سُفْيَان، وَمن حَدِيث عبد الله بن صَالح حَدثنَا هَارُون بن عبد الله حَدثنَا قبيصَة حَدثنَا سُفْيَان عَن هِشَام، وَرَوَاهُ الْفرْيَابِيّ عَن سُفْيَان. وَمعنى: ناصيتها وقرنيها، أَنَّهَا جعلت ناصيتها ضفيرة وقرناها ضفيرتين، وَلَا تنَافِي بَين قَوْلهَا: قرنيها، هَهُنَا وَفِيمَا قبله ثَلَاثَة قُرُون، لِأَن المُرَاد بالقرنين جانبا الرَّأْس، كَمَا ذكرنَا، وبالقرون: الذوائب.
قَالَ الْكرْمَانِي: وَفِيه: اسْتِحْبَاب تضفير الشّعْر خلافًا للكوفيين. قلت: لَيْت شعري كَيفَ ينْقل هَؤُلَاءِ مَذَاهِب النَّاس على غير مَا هِيَ عَلَيْهِ، والكوفيون مَا أَنْكَرُوا التضفير، وَإِنَّمَا مَذْهَبهم أَن شعرهَا يَجْعَل ضفيرتين على صدرها فَوق الدرْع، وَعند الشَّافِعِي وَمن تبعه: يَجْعَل ثَلَاثَة ضفائر خلف ظهرهَا. وَقَالَ بَعضهم: وَالْحَنَفِيَّة ترسل شعر الْمَرْأَة خلفهَا وعَلى وَجههَا مُتَفَرقًا. قلت: هَذَا أبعد من الصَّوَاب من ذَاك، وَلم ينْقل أحد مِنْهُم بِهَذَا الْوَجْه إلاَّ مِمَّن لَا يقبل قَوْله، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ فِي: بَاب مَا يسْتَحبّ أَن يغسل وترا.

71 - (بَاب يُلْقَى شَعَرُ المَرْأةِ خَلْفَهَا)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: يلقى شعر الْمَرْأَة خلفهَا بعد الْفَرَاغ من الْغسْل، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وَأبي الْوَقْت: يَجْعَل شعر الْمَرْأَة خلفهَا، وَفِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ: يلقى شعر الْمَرْأَة خلفهَا ثَلَاثَة قُرُون.

3621 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا يَحْيى بنُ سَعِيدٍ عنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ قَالَ حدَّثَتْنَا

الصفحة 47