كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 8)

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: جَوَاز استحضار ذَوي الْفضل للمحتضر لرجاء بركتهم ودعائهم. وَفِيه: جَوَاز الْقسم عَلَيْهِم لذَلِك. وَفِيه: جَوَاز الْمَشْي إِلَى التَّعْزِيَة والعيادة بِغَيْر إذْنهمْ بِخِلَاف الْوَلِيمَة. وَفِيه: اسْتِحْبَاب إبرار الْقسم. وَفِيه: أَمر صَاحب الْمُصِيبَة بِالصبرِ قبل وُقُوع الْمَوْت ليَقَع وَهُوَ مستشعر بالرضى مقاوما للحزن بِالصبرِ. وَفِيه: تَقْدِيم السَّلَام على الْكَلَام. وَفِيه: عِيَادَة المرضى، وَلَو كَانَ مفضولاً أَو صَبيا صَغِيرا. وَفِيه: أَن أهل الْفضل لَا يَنْبَغِي أَن يقطع الْيَأْس من فَضلهمْ وَلَو ردوا أول مرّة. وَفِيه: اسْتِفْهَام التَّابِع من إِمَامه عَمَّا يشكل عَلَيْهِ مِمَّا يتعارض ظَاهره. وَفِيه: حسن الْأَدَب فِي السُّؤَال. وَفِيه: التَّرْغِيب فِي الشَّفَقَة على خلق الله تَعَالَى وَالرَّحْمَة لَهُم. وَفِيه: التَّرْهِيب من قساوة الْقلب وجمود الْعين. وَفِيه: جَوَاز الْبكاء من غير نوح وَنَحْوه، وروى التِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل من رِوَايَة سُفْيَان الثَّوْريّ، وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة أبي الْأَحْوَص كِلَاهُمَا عَن عَطاء بن السَّائِب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ: (لما حضرت بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَغِيرَة فَأَخذهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَضمّهَا إِلَى صَدره، ثمَّ وضع يَده عَلَيْهَا وَهِي تَئِنُّ، فَبكى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَكَتْ أم أَيمن فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أتبكين يَا أم أَيمن، وَرَسُول الله عنْدك؟ فَقَالَ: مَا لي لَا أبْكِي وَرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يبكي؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي لست أبْكِي، وَلكنهَا رَحْمَة. ثمَّ قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْمُؤمن بِخَير على كل حَال تنْزع نَفسه من بَين جَنْبَيْهِ وَهُوَ يحمد الله تَعَالَى) . وَلابْن عَبَّاس حَدِيث آخر رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ رَوَاهُ عَنهُ قَالَ: (بَكت النِّسَاء على رقية فَجعل عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ينهاهن، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَه يَا عمر! ثمَّ قَالَ: إيَّاكُمْ ونعيق الشَّيْطَان فَإِنَّهُ مهما يكون من الْعين وَمن الْقلب فَمن الرَّحْمَة، وَمَا يكون من اللِّسَان وَالْيَد فَمن الشَّيْطَان قَالَ: وَجعلت فَاطِمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، تبْكي على شَفير قبر رقية، فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يمسح الدُّمُوع عَن وَجههَا بِالْيَدِ أَو بالثياب) . وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي (سنَنه) ثمَّ قَالَ: وَهَذَا وَإِن كَانَ غير قوي، فَقَوله فِي الحَدِيث الثَّابِت: (إِن الله لَا يعذب بدمع الْعين) يدل على مَعْنَاهُ، وَيشْهد لَهُ بِالصِّحَّةِ. وروى الطَّبَرَانِيّ من رِوَايَة شريك عَن أبي إِسْحَاق (عَن عَامر ابْن سعد، قَالَ: شهِدت صنيعا فِيهِ أَبُو مَسْعُود وقرظة بن كَعْب وجَوارٍ يغنين، فَقلت: سُبْحَانَ الله هَذَا وَأَنْتُم أَصْحَاب مُحَمَّد، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأهل بدر؟ فَقَالُوا: رخص لنا فِي الْغناء فِي الْعرس، والبكاء فِي غير نياحة) . وروى النَّسَائِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: (مَاتَ ميت من آل رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَاجْتمع النِّسَاء يبْكين عَلَيْهِ، فَقَامَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ينهاهن ويطردهن، فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: دَعْهُنَّ يَا عمر، فَإِن الْعين دامعة وَالْقلب مصاب والعهد قريب) . وروى ابْن مَاجَه من رِوَايَة شهر بن حَوْشَب عَن أَسمَاء بنت يزِيد، قَالَت: (لما توفّي ابْن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِبْرَاهِيم بَكَى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ لَهُ المعزي إِمَّا أَبُو بكر وَإِمَّا عمر أَنْت أَحَق من عظم الله حَقه؟ قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تَدْمَع الْعين ويحزن الْقلب وَلَا نقُول مَا يسْخط الرب، لَوْلَا أَنه وعد صَادِق وموعود جَامع وَإِن الآخر تَابع للْأولِ لوجدنا عَلَيْك يَا إِبْرَاهِيم أفضل مِمَّا وجدنَا وَإِنَّا بك لَمَحْزُونُونَ) .

5821 - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدثنَا أبُو عامِرٍ قَالَ حدَّثنا فُلَيْحُ ابنُ سُلَيْمَانَ عنْ هلاَلِ ابنِ عَلِيٍّ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ. قَالَ شَهِدْنَا بِنْتا لِرَسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَرَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جالِسٌ علَى القَبْرِ فَرَأيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعانِ قَالَ فَقَالَ هَلْ مِنْكُمْ رَجُلٌ لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ فَقَالَ أبُو طَلْحَةَ أَنا. قَالَ فانْزِلْ قَالَ فَنَزَلَ فِي قَبْرِها.
(5821 طرفه فِي: 2431) .
مطابقته للتَّرْجَمَة، وَهِي قَوْله: (وَمَا يرخص من الْبكاء فِي غير نوح) فِي قَوْله: (فَرَأَيْت عَيْنَيْهِ تدمعان) .
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: عبد الله بن مُحَمَّد المسندي. الثَّانِي: أَبُو عَامر عبد الْملك بن عَمْرو الْعَقدي. الثالثت: فليح، بِضَم الْفَاء: ابْن سُلَيْمَان، قَالَ الْوَاقِدِيّ: اسْمه عبد الْملك وفليح لقب غلب عَلَيْهِ. الرَّابِع: هِلَال بن عَليّ بن أُسَامَة العامري. الْخَامِس: أنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي

الصفحة 75