كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري (اسم الجزء: 8)
6821 - حدَّثنا عَبْدَانُ قَالَ حَدثنَا عَبْدُ الله قَالَ أخبرنَا ابنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبرنِي عَبْدُ الله بنُ عُبَيْدِ الله بنِ أبِي مُلَيْكَةَ. قَالَ تُوُفِّيَتِ ابنةٌ لِعُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عنهُ بِمَكَّةَ وَجِئْنَا لِنَشْهَدَهَا وَحَضَرَهَا ابنُ عُمَرَ وابنُ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهمْ وَإنِّي لَجَالِسٌ بَيْنَهُمَا أوْ قَالَ جَلَسْتُ إلَى أحَدهِمَا ثُمَّ جاءَ الآخَرُ فَجَلَسَ إلَى جَنْبِي فَقَالَ عَبْدُ الله بنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا لَعَمْرِو بنِ عُثْمَانَ ألاَ تَنْهى عنِ البُكاءِ فإنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أهْلِهِ عَليهِ. فقالَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَدْ كانَ عُمَرُ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يقولُ بَعْضَ ذالِكَ ثمَّ حَدَّثَ قَالَ صَدَرْتُ مَعَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مِنْ مكَّةَ حَتَّى إذَا كُنَّا بِالبَيْدَاءِ إذَا هُوَ بِرَكْبٍ تَحْتَ ظِلِّ سَمُرَةٍ فَقَالَ اذْهَبْ فانْظُرْ مَنْ هَؤُلاَءِ الرَّكْبُ قَالَ فنَظَرْتُ فإذَا صُهَيْبٌ فأخْبَرْتُهُ فَقَالَ ادْعُهُ لِي فَرَجَعْتُ إلَى صُهَيْبٍ فَقُلْتُ ارْتَحِلْ فالْحَقْ أمِيرَ المُؤْمِنِينَ فَلَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ دَخَلَ صُهَيْبٌ يَبْكِي يَقُولُ وَا أخاهْ وَا صَاحِبَاهْ فَقَالَ عُمَرُ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَا صُهَيْبُ أتَبْكِي عَلَيَّ وَقَدْ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أهْلِهِ عليْهِ. قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا فَلَمَّا ماتَ عُمَرُ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ ذَكَرْتُ ذالِكَ لِعَائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا فَقالَتْ رَحِمَ الله عُمَرَ وَالله مَا حَدَّثَ رَسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ الله لَيُعَذِّبُ المُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أهْلِهِ عليهِ وَلاكِنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إنَّ الله لَيَزِيدُ الكافِرَ عذَابا بِبُكَاءِ أهْلِهِ عليهِ وقالَتْ حَسْبُكُمُ القُرْآن وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى. قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عِنْدَ ذالِكَ وِالله هُوَ أضْحَكُ وَأبْكَى. قَالَ ابنُ أبِي مُلَيْكَةَ وَالله مَا قالَ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا شَيْئا.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (إِن الْمَيِّت يعذب بِبَعْض بكاء أَهله) ، وعبدان هُوَ عبد الله بن عُثْمَان، وَقد مر عَن قريب، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك، وَابْن جريج هُوَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، وَعبد الله بن عبيد الله بِالتَّكْبِيرِ فِي الإبن والتصغير فِي الْأَب، وَأَبُو مليكَة اسْمه زُهَيْر وَقد مر غير مرّة.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْجَنَائِز أَيْضا عَن مُحَمَّد بن رَافع وَعبد بن حميد وَعَن دَاوُد بن رشيد وَعَن عبد الرَّحْمَن بن بشر، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن سُلَيْمَان بن مَنْصُور.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (توفيت بنت لعُثْمَان) ، هِيَ: أم أبان، وَقد صرح بهَا مُسلم، قَالَ: حَدثنَا دَاوُد بن رشيد، قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن علية، قَالَ: حَدثنَا أَيُّوب (عَن عبد الله بن أبي مليكَة، قَالَ: كنت جَالِسا فِي جنب ابْن عمر وَنحن نَنْظُر جَنَازَة أم أبان بنت عُثْمَان وَعِنْده عَمْرو بن عُثْمَان، فجَاء ابْن عَبَّاس يَقُودهُ قَائِد، فَأرَاهُ أخبرهُ بمَكَان ابْن عمر، فجَاء حَتَّى جلس إِلَى جَنْبي، فَكنت بَينهمَا، فَإِذا صَوت من الدَّار، فَقَالَ ابْن عمر: كَأَنَّهُ يعرض على عَمْرو أَن يقوم فينهاهم، سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الْمَيِّت ليعذب ببكاء أَهله، قَالَ: فأرسلها عبد الله مُرْسلَة، فَقَالَ ابْن عَبَّاس: كُنَّا مَعَ أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، حَتَّى إِذا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ إِذا هُوَ بِرَجُل نَازل فِي ظلّ شَجَرَة، فَقَالَ لي: اذْهَبْ فَاعْلَم لي من ذَلِك الرجل؟ فَذَهَبت فَإِذا هُوَ صُهَيْب، فَرَجَعت إِلَيْهِ فَقلت: إِنَّك أَمرتنِي بِأَن أعلم لَك من ذَلِك، وَإنَّهُ صُهَيْب. قَالَ: مره فليلحق بِنَا. قَالَ: فَقلت إِن مَعَه أَهله. قَالَ: وَإِن كَانَ مَعَه أَهله، وَرُبمَا قَالَ أَيُّوب مرّة: فليلحق بِنَا، فَلَمَّا قدمنَا لم يلبث أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن أُصِيب، فجَاء صُهَيْب يَقُول: وَا أَخَاهُ وَا صَاحِبَاه؟ فَقَالَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: ألم تعلم، أَو لم تسمع. أَيُّوب أَو قَالَ: أَو لم تعلم أَو لم تسمع أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: إِن الْمَيِّت ليعذب بِبَعْض بكاء أَهله؟ قَالَ: فَأَما عبد الله فأرسلها مُرْسلَة، وَأما عمر فَقَالَ: بِبَعْض، فَقُمْت فَدخلت على عَائِشَة فحدثتها بِمَا قَالَ ابْن عمر، فَقَالَت: لَا وَالله مَا قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قطّ: إِن الْمَيِّت يعذب ببكاء أحد، وَلكنه قَالَ: إِن
الصفحة 77
318