كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 8)

3 - العنكبوت:
يقول اللّه تعالى في سورة العنكبوت: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (41)، (العنكبوت: 41). نلاحظ أن الوهن هنا لم يقصد به وهن المادة المكونة للبيت أي بمعنى آخر الشبكة العنكبوتية - كما يهيأ للبعض - ولكن الوهن هنا هو الوهن الاجتماعي والتفكك الأسري لبيت العنكبوت حيث سيطرة الأنثى على الذكر، وكيف أن نظام هذه الأسرة المسيطر عليها من قبل الأنثى مفكك لهذا الحد الذي لا يصدق.
لقد أثبت العلم الآن بالقياس أن خيط العنكبوت الحريري أقوى من مثيله من الصلب بثلاث مرات وأكثر منه مرونة «1» ... هذا الخيط يحمل أوزانا أكبر منه بعشرات المرات فيكون نسيج العنكبوت بالنسبة لاحتياجات العنكبوت وافيا بالغرض وزيادة ويكون بالنسبة له قلعة أمنية حصينة، وهذا أيضا من ضمن تصنيفات العلم الحديث للمواد إذ يصف نسيج العنكبوت ضمن مجموعة البولميرات أو اللدائن الطبيعية، فقد فصل القرآن المواد مثل المعادن كالحديد والذهب والفصة والنحاس وكذلك الفخاريات كالصخر والجبال والصلصال والطين وغيرها بالإضافة إلى مجموعة اللدائن ومن ضمنها خيط العنكبوت وبيوت النحل وغيرها.
وينسج العنكبوت نسيجه أو بيته لأغراض عديدة فبعض العناكب ينسج بيوته بغرض حماية الذرية في أكياس مصنوعة من خيوط حريرية وتقوم بنسج غرف الحضانة لذريتها وغرف الرقاد في فصل الشتاء وأخرى غرف للزواج وغرف للوليمة التي تكون عادة إما ذبابة أو أي حشرة أخرى. وقد قام فريق من العلماء بمراقبة أنواع من العناكب فوجدوا أن لها قدرات فائقة في العمليات الإنشائية عند تشييد بيوتها من لحظة اختيار الموقع إلى عملية تحديد زوايا قوائم إلى تجهيز دعائم البيت. والعناكب فصائل وأجناس وأنواع مختلفة وذلك لاختلافها في الشكل والسلوك والعادات، ويترافق مع هذا كله
______________________________
(1) انظر كتابنا (المنظار الهندسي للقرآن الكريم)، الباب الثاني، الفصل الخامس .. وانظر كتاب (القرآن محاولة لفهم عصري)، للأستاذ مصطفى محمود، ص 272.

الصفحة 13