كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 8)

البيت وليس الذكر وهي حقيقة بيولوجية لم تكن معلومة أيام نزول القرآن وإذا ما لاحظنا الآية الكريمة ... اتَّخَذَتْ بَيْتاً ... ، وتاء التأنيث الساكنة دلالة على الأنثوية أي أن الأنثى هي التي تكون مسئولة عن اتخاذ البيت وإدارة شئونه. الحقيقة الثالثة هي أن الضعف والوهن هنا له دلالة أخرى اجتماعية وليست مادية، ثم إن الآية قد ختمت النص بالقول ... لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (41)، أي أنهم لا يعلمون هذا وسيعلمونه مستقبلا باستخدام العلم التطبيقي والتجريبي.
والواقع إن هناك سرا بيولوجيا كشف العلم عنه فيما كشف لنا من حقائق مذهلة، فالحقيقة أن بيت العنكبوت هو أبعد البيوت عن صفة البيت بما يلزم من أمان وسكينة وطمأنينة فالأنثى تقتل ذكرها بعد التلقيح وتأكله والأبناء يأكلون بعضهم بعد الخروج من البيض ولهذا يعمد الذكر إلى الفرار بجلده بعد أن يلقح أنثاه ولا يحاول أن يضع قدمه في بيتها، وتغزل أنثى العنكبوت بيتها ليكون فخا وكمينا ومقتلا لكل حشرة تفكر أن تقترب منه وكل من يدخله زائرا كان أم سائلا فإنه يقتل ويلتهم، وهذا هو سر هذه المذبحة، والوهن كلمة عربية تعبر عن غاية الجهد والمشقة والمعاناة وهذا شأن من يلجأ لغير اللّه يتخذ منه معينا ونصيرا «1» ..
______________________________
(1) القرآن محاولة لفهم عصري، مصطفى محمود، ص 275.

الصفحة 15