كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 8)

وثوابت عددية وحالات إعجازية عجيبة استنبطت من هذه الآية المباركة أحيل القارئ الكريم إليها، وسبحان ربك رب العزة والجلال.
4 - النحل:
ومن أمر القرآن مع النحل لعجب، إذ يقول اللّه تعالى: وأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً ومِنَ الشَّجَرِ ومِمَّا يَعْرِشُونَ (68)، (النحل: 68).
يقول سيد قطب «رحمه اللّه» في تفسير هذه الآية المباركة ما نصه: والنحل تعمل بإلهام من الفطرة التي أودعها إياها الخالق، فهو لون من الوحي تعمل بمقتضاه، وهي تعمل بدقة عجيبة يعجز عن مثلها العقل المفكر سواء في بناء خلاياها، أو في تقسيم العمل بينها، أو في طريقة إفرازها للعسل المصفى. وهي تتخذ بيوتها حسب فطرتها في الجبال والشجر وما يعرشون أي ما يرفعون من الكروم وغيرها، وقد ذلل اللّه لها سبل الحياة بما أودع في فطرتها وفي طبيعة الكون حولها من توافق «1».
هنا أيضا جاء النص للتأنيث (أن اتخذي) أي يخص إناث النحل، وجاء متسلسلا من حيث أماكن تكوين بيوت النحل لتكوين خلايا نحل العسل، (الجبال - الشجر - البيوت)، وهذا التسلسل أثبت علميا ومنذ زمن ليس ببعيد - ولكنه يبعد عن فترة التنزيل ب 14 قرنا فقط! - أنه هو نفس تسلسل جودة العسل، فعسل الجبال أجود من عسل الأشجار، وهذا بدوره أجود من عسل البيوت، فسبحان اللّه العظيم الذي جعل كتابه العزيز معجزة الأزمان الخالدة.
______________________________
(1) تفسير الظلال، سيد قطب، ج/ 4، ص 2181.

الصفحة 17