كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 8)

جميع الحيوانات الأخرى وبخاصة في المراعي الفقيرة، وهذا ما نلاحظه في تأقلم الإبل على العيش في الصحارى ذات المراعي المجدبة. ومما هو معروف أن الصحارى تكثر فيها الرمال، وعند هبوب الرياح فإن ذرات الرمال تؤذي البشر والحيوانات ولكن الإبل تستطيع تحمل هذه الحالة، وذلك لعدة صفات جسمية، منها أن منطقة الأنف ذات نهايات ممتدة إلى الأمام وتستطيع أن تكيف هذه النهايات بحيث تصغر فتحة الأنف، ثم أن رموش العينين طويلة فضلا عن ارتفاع الرأس عاليا إلى أكثر من مترين مما يجعل منطقة الرأس بعيدة عن ضربات ذرات الرمال المتحركة بفعل الرياح. والصفة الأخرى المهمة التي تمتاز بها الإبل هي تحملها للعطش وقتا طويلا أو عند الجفاف حيث تعتمد على كميات قليلة جدا من الماء لسد حاجتها الفسلجية، فقد وجد أن اللبائن كافة، ومنها الإنسان، لا تستطيع تحمل فقدان ماء الجسم إلى أكثر من 10 خ حيث تتعرض للهلاك وتختل فعاليات الجسم كافة. أما الإبل فإنها تستطيع فقدان أكثر من 30 خ من ماء الجسم من دون حدوث اختلالات وظيفية في الجسم. وبعد العطش الشديد فإن الإبل تستطيع شرب كميات كبيرة من الماء خلال مدة قصيرة جدا من دون أن تتعرض لمخاطر تخفيف سوائل الجسم حيث يحدث ما يسمى بحالة التسمم بالماء للحيوان أو الإنسان الذي يشرب الماء الكثير بعد عطش شديد. وتفسير هذه الحالة هو أن الماء الذي تشربه الإبل بعد العطش الشديد يبقى في الكرش ولا يمتص بسرعة. وقد اكتشف أحد الباحثين قدرة الجمال على إبقاء الماء مدة 24 ساعة لاكتمال امتصاصه، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الكريات الحمراء في دم الإبل لها القدرة على مقاومة البلازما ناقصة التوتر الناجم عن شرب كميات كبيرة من الماء خلال مدة قصيرة لأن بطه امتصاص الماء في القناة الهضمية لا يمنع من دخول الماء إلى الدم، بسرعة، في الإبل التي تتعرض إلى العطش الشديد.
2 - يكون استعمال الماء في تنظيم حرارة الجسم عند الإبل بكميات أقل من اللبائن الأخرى حيث أن المجال الحراري لدرجة حرارة الجسم في الإبل يكون كبيرا، ويبلغ المدى حوالي 7 درجات مئوية، ففي الصباح الباكر تكون درجة حرارة الجسم 34 م، وترتفع خلال النهار حتى تصل إلى 41 م، ثم تنخفض تدريجيا خلال المساء. أما في الحيوانات اللبونة الأخرى فإن حرارة الجسم تبقى ثابتة، وأي ارتفاع أو انخفاض في حرارة المحيط الخارجي يتطلب جهدا فسيولوجيا يستعمل فيه الماء للتغلب على

الصفحة 29