كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 8)
الفصل الرابع البيطرة
1 - الأنعام:
يحصل للطعام بعض التغيرات نتيجة الإفرازات ابتداء من اللعاب وعصارة المعدة والبنكرياس إلى الأمعاء وعصارة الصفراء الكبدية. ويمتص هذا الطعام بعد تمام هضمه أساسا في الأمعاء الدقيقة الطويلة والمزودة بخمائل ينتشر فيها أوعية دموية ولمفاوية لتزيد من سطح الامتصاص، وينتقل عن طريق الدورة البابية إلى الكبد لتحصل به التغيرات زمنا ثم إلى الدورة العامة. إن غدة الثدي التي تفرز اللبن تتغذى أساسا بمنتجات الأغذية المهضومة المحمولة بواسطة دوران الدم، وتتأثر بهرمون البرولاكتين من الغدة النخامية ومن المشيمة، وهو الحافز على إفراز الحليب من الثدي بتأثيره المباشر وغير المباشر على إفراز هرمون آخر اسمه البروجسترون. وهذه الهرمونات تدور أساسا في الدم الذي يلعب الدور الناقل للهرمونات وللمواد المستخرجة من الغذاء عن طريق الامتصاص المعوي، ويغذي الغدد الثديية منتجة اللبن مثلما يغذي سائر الجسم «1».
يقول اللّه تعالى: وإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ ودَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ (66)، (النحل: 66). هذه حقيقة علمية بينها القرآن الكريم، وجاءت متفقة مع معطيات المعرفة الحديثة عن أصل مكونات اللبن في الثدييات فالغذاء بما يحويه من مواد أساسية للجسم يدخل في تفاعلات كيميائية داخل القناة الهضمية ثم إن الأوعية الدموية في جدار الأمعاء تمتصها ويذهب بعضها من خلال الدورة البابية إلى الكبد ثم يعيدها بدوره إلى الدورة الدموية العامة، فالدم هنا يلعب دور الناقل للمواد المستخرجة من الأغذية، ومن ثم يغذي أعضاء الجسم ومن بينها الغدد الثديية المنتجة للبن، فعملية استخلاص اللبن تبدأ إذن من مواجهة محتوى الأمعاء (الفرث) مع الدم. فكيف يمكننا أن نتخيل أننا نشرب الألبان ونأكل مشتقاتها وهي
______________________________
(1) قرص موسوعة الطب النبوي، الإعجاز الطبي في الإسلام، الدم.