كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 8)

الفصل الخامس الرفق بالحيوان
الإسلام دين شامل يعطي لكل ذي حق حقه، وإذا ما أتيح للناس الاطلاع على تفاصيله لوجدوا فيه الخير كله الذي لم ينس حتى حقوق الحيوانات على الناس خصوصا المدجنة منها والتي تدر على البشرية خيرا كثيرا.
لقد حرّم الإسلام صيد البر للحاج والمعتمر وقت الإحرام رغم فوائده وذلك تعظيما لبيت اللّه الحرام من جهة، ومن رحمته حتى بالحيوانات في أشهر الحج أمر أن لا يمس حيوان بري بسوء في وقت إحرام المحرم لحجه أو لعمرته، يقول تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ (1)، (المائدة: 1) ... يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وأَنْتُمْ حُرُمٌ ومَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ ومَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ واللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (95)، (المائدة: 95).
بل إن الإسلام يوضح مدى العدالة الإلهية يوم القيامة في كيفية اقتصاص الشاة من شاة أخرى قد نطحتها في الدنيا، ففي الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم (البر والصلة والآداب 4679) عن أبي هريرة أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (لتؤدّنّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتّى يقاد للشّاة الجلحاء من الشّاة القرناء).
والمتدبر لسيرة الرحمة المهداة سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم يجد قصصا تذرف لها الدموع وتقف عندها العقول لتتحير من هذه العواطف الجياشة لهذا الرسول الكريم صلوات ربي وسلامه عليه، نذكر بعضا منها:
1. أخرج أبو داود (الجهاد 2186) في سننه أن بعيرا قد جاء إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو يبكي فهمس في أذنه أن صاحبه يطعمه قليلا ويحمل عليه كثيرا، فقال لصاحبه إن

الصفحة 43