كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 8)

الفصل الأول التقسيم القرآني للحيوانات
اهتم كل من القرآن الكريم والسنة المطهرة بالحيوانات بمختلف تصانيفها جاعلا من أسماء بعضها أسماء لسور في القرآن الكريم. كما وصرّح القرآن الكريم بأن هذه المخلوقات إنما هي أمم كأمم البشر وما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ ولا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ، (الأنعام: 38). والدابة لغة: هي كل ما يدب على الأرض بحركة أو تدب فيه الحياة سواء أ كان يعيش في البحر وأعماقه، أو في البر وآفاقه، فوق السطح وتحته من حشرات وحيوانات مختلفة.
سبق القرآن الكريم التقسيم الحديث للحيوان أو ما يعرف بالتصنيف العلمي لعالم الحيوان الذي قسم الحيوانات إلى فصائل وعوائل وأصناف متفرقة من زواحف وفقريات وحشرات وذوات أرجل ولبائن وغير ذلك من تصانيف، تدبر قول اللّه تعالى:
وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ ومِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ ومِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (45)، (النور: 45). فالدابة كما أسلفنا هي كل ما يدب أو يتحرك على الأرض، وكلمة (كل) تشمل جميع الأنواع، فيكون اللّه تعالى هو خالق كل المخلوقات ومنها هذه الأصناف العديدة، وليس كما يزعم أصحاب نظرية التطور المتهتكة علميا من أن الأنواع تطورت من تلقاء نفسها «1».
كما وأن القرآن الكريم تطرق لمخلوقات غير مرئية من حشرات وفيروسات وميكروبات وغيرها، وهو ما يقع ضمن قوله تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (38) وما لا تُبْصِرُونَ (39) (الحاقة)، فالأداة (ما) تفيد للعاقل وغيره، والحيوان يدخل ضمنها ...
كما وأن قوله تعالى في سورة النحل التي تحمل اسم حشرة النحل المهمة ... ويَخْلُقُ ما لا
______________________________
(1) لنا عودة لموضوع التطور هذا وكيف أن نظرية التطور أصبحت من دواعي الشك بعد أن كانت من دواعي اليقين في أول عهدها في الكتاب العاشر من هذه السلسلة (الوراثة والاستنساخ).

الصفحة 5