كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 8)

تَعْلَمُونَ (النحل: من الآية 8) يؤكد هذه الحقيقة.
هذا إذا علمنا أن كل النشاطات الحيوية الملحوظة والمراقبة في عصر التطور التقني والمعلوماتي لجميع الكائنات البرية والبحرية من بشر وحيوان ونبات بكل أصنافها لا تشكل سوى 10 خ فقط من مجموع أنماط الحياة في كوكبنا الفريد، ذلك أن 90 خ من أنماط الحياة موجودة في أعماق البحار الغائرة في عمقها والتي تحفها الظلمات لعدم وصول ضوء الشمس إليها لعمقها، فقد توصل العلماء إلى حقيقة عظمة وتنوع هذا العالم الغريب بمخلوقاته التي لا تعيش على الضوء بل تنتجه هي، ولا يضرها الضغط العالي والحرارة الرهيبة الخارجة من طبقات الأرض وصدوعها وسموم الأعماق بل تحولها جميعا بكيميائيات جسمها إلى مركبات تفيد غيرها من المخلوقات. هذه الحقائق توصل إليها العلماء بعد أن كانوا يعتقدون عكس ذلك تماما.
التقسيم القرآني للمواد:
لقد قسم القرآن الكريم المواد بأسلوب سبق به العلم الحديث، فالمعادن والفخاريات واللدائن والخلائط كلها مذكورة في الكتاب العزيز وكما بينا في الكتاب الثاني من هذه السلسلة.
اللدائن هذه هي المواد ذات الأصل الهايدروكاربوني أي المتكونة من الهيدروجين والكربون بصورة رئيسية وهي المواد العضوية التي يشكل كيميائيات الحيوان وكذلك النبات أصل معظمها ومنها الإنزيمات والهرمونات والدهون والزيوت والأصباغ والأخشاب والمطاط والألياف وغيرها وكلها مذكورة في القرآن والسنة المطهرة.
إذا تدبرنا بعض آيات الذكر الحكيم كما في الآية (164) من سورة البقرة، لعلمنا أهمية نعمة الحيوان والنبات ليس فقط في الغذاء والأمور المعروفة وإنما أهميتها في المحافظة على التوازن البيئي وحياة البشر، حتى أصبحت اليوم من أهم العناصر التي يعتمد عليها في ثورة المواد والهندسة الجزيئية التي غيرت حياة الإنسان الحديث تغييرا كبيرا.
يقول اللّه سبحانه وتعالى إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ والْأَرْضِ واخْتِلافِ اللَّيْلِ والنَّهارِ والْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ

الصفحة 6