كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 8)

مَوْتِها وبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وتَصْرِيفِ الرِّياحِ والسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ والْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)، (البقرة: 164) .. فتسلسل أهمية النبات والحيوان هنا جاء بعد أهمية خلق السموات والأرض وأهمية الليل والنهار وأهمية البحار والسفن فيها، فإن كان صحيحا أن تسلسل النعم حسب أهميتها في الآية «1»، فنقول أن نعمة النبات والحيوان تأتي بالمرتبة الرابعة والخامسة وهذا ما يجعلنا نتساءل أكثر هل أن هذه النعم يقصد بها الطعام والزينة والأملاك فقط؟، هذا ما سنحاول التوصل إليه.
لنعد الآن إلى تقسيمات المواد، وكيف أن القرآن الكريم قد شملها جميعا فكان السبق له، ولكن ليس من مكتشف .. لقد نبأنا اللّه سبحانه وتعالى في آيات عديدة عن أنعمه وأفضاله التي لا تعد على الناس ومنها بل ومن أهمها تسخير الأنعام من أنواع الحيوانات الأليفة كالإبل والضأن والماعز والبقر وكذلك الطيور المختلفة وكذلك النباتات والحيوانات المختلفة بالإضافة إلى الأنعام الأخرى كالماء والأرض والحجر وغيرها.
ولم يكتف القرآن الكريم بذكر الأصناف من المواد التي كانت واضحة التأثير على الناس حتى في زمن نزول القرآن، لكنه أشار إلى المواد التي سيكون تأثيرها مستقبلا كاللدائن مثلا ... اسمع قول اللّه عزّ وجل فيها:
وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ ومَنافِعُ ومِنْها تَاكُلُونَ (5) ولَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (7) والْخَيْلَ والْبِغالَ والْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وزِينَةً ويَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ (8) (النحل).
وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ ودَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ (66)، (النحل: 66).
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ ويَوْمَ إِقامَتِكُمْ ومِنْ أَصْوافِها وأَوْبارِها وأَشْعارِها أَثاثاً ومَتاعاً إِلى
______________________________
(1) وهو ما يعرف في علوم القرآن بعلم المناسبة وكذلك علم السياق والسباق للآيات .. راجع كتابنا (القرآن منهل العلوم)، الملحق (2).

الصفحة 7