كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

وَقَدْ سُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذَا تَزَوَّجَ بِوَلِيٍّ وَشُهُودٍ غَيْرِ عُدُولٍ: يَفْسُدُ مِنْ النِّكَاحِ شَيْءٌ؟ فَلَمْ يَرَ أَنَّهُ يَفْسُدُ مِنْ النِّكَاحِ شَيْءٌ. وَقِيلَ: يَنْعَقِدُ بِحُضُورِ كَافِرَيْنِ، مَعَ كُفْرِ الزَّوْجَةِ، وَقَبُولِ شَهَادَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ. وَيَأْتِي نَحْوُهُ قَرِيبًا. وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الشَّرْحِ.
تَنْبِيهٌ:
يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ " عَدْلَيْنِ " ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. وَهُوَ أُحُدُ الْوَجْهَيْنِ، وَاحْتِمَالٌ فِي التَّعْلِيقِ لِلْقَاضِي. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ عَدْلَيْنِ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا. فَيَصِحُّ بِحُضُورِ مَسْتُورَيْ الْحَالِ. وَإِنْ لَمْ نَقْبَلْهُمَا فِي الْأَمْوَالِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: وَيَصِحُّ مِنْ مَسْتُورَيْ الْحَالِ. رِوَايَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَالَةُ. وَصَحَّحَهُ فِي الْبُلْغَةِ. وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَالتَّعْلِيقِ فِي الرَّجْعَةِ مِنْهُ، وَالشِّيرَازِيُّ وَابْنُ الْبَنَّا، وَابْنُ عَقِيلٍ حَاكِيًا لَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَالْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْفُرُوعِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقِيلَ: يَكْفِي مَسْتُورَيْ الْحَالِ إنْ ثَبَتَ النِّكَاحُ بِهِمَا. وَقَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ: يَثْبُتُ بِهِمَا مَعَ اعْتِرَافٍ مُتَقَدِّمٍ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: لَوْ تَابَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ، فَكَمَسْتُورِ الْحَالِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ عُقِدَ بِمَسْتُورَيْ الْحَالِ. ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُمَا كَانَا فَاسِقَيْنِ حَالَةَ الْعَقْدِ فَقَالَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ: تَبَيَّنَ أَنَّ النِّكَاحَ لَمْ يَنْعَقِدْ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: يَنْعَقِدُ: لِوُجُودِ شَرْطِ النِّكَاحِ ظَاهِرًا.

الصفحة 103