كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى التَّرَاخِي. فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ خِيَارٌ لِنَقْصٍ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. فَعَلَى هَذَا: يَسْقُطُ خِيَارُهَا بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَى مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ. وَأَمَّا الْأَوْلِيَاءُ: فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْقَوْلِ.
فَائِدَةٌ:
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ عَقَدَهُ بَعْضُهُمْ، وَلَمْ يَرْضَ الْبَاقُونَ: فَهَلْ يَقَعُ الْعَقْدُ بَاطِلًا مِنْ أَصْلِهِ، أَوْ صَحِيحًا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. حَكَاهُمَا الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. أَشْهَرُهُمَا الصِّحَّةُ. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا مِنْ قَوْلِهِ " فَلِمَنْ لَمْ يَرْضَ الْفَسْخُ " وَلَا يَكُونُ الْفَسْخُ إلَّا بَعْدَ الِانْعِقَادِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَيْضًا. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ، فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إذَا زَوَّجَهَا الْأَبُ بِغَيْرِ كُفْءٍ وَقُلْنَا: الْكُفْءُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَفِي بُطْلَانِ النِّكَاحِ رِوَايَتَانِ: الْبُطْلَانُ كَنِكَاحِ الْمُحَرَّمَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ وَالصِّحَّةُ، كَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ. وَقِيلَ: إنْ عُلِمَ بِفَقْدِ الْكَفَاءَةِ: لَمْ يَصِحَّ. وَإِلَّا صَحَّ. وَقِيلَ: يَصِحُّ إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ كَبِيرَةً، لِاسْتِدْرَاكِ الضَّرَرِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: طَرِيقَةُ الْمَجْدِ فِي الْمُحَرَّرِ: أَنَّ الصِّفَاتِ الْخَمْسَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْكَفَاءَةِ. قَوْلًا وَاحِدًا. ثُمَّ هَلْ يُبْطِلُ النِّكَاحَ فَقْدُهَا أَوْ لَا يُبْطِلُهُ، لَكِنْ يَثْبُتُ الْفَسْخُ، أَوْ يُبْطِلُهُ فَقْدُ الدِّينِ وَالْمَنْصِبِ، وَيُثْبِتُ الْفَسْخُ فَقْدُ الثَّلَاثَةِ؟ عَلَى ثَلَاثِ رِوَايَاتٍ. وَهِيَ طَرِيقَتُهُ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَالْكَفَاءَةُ: الدِّينُ وَالْمَنْصِبُ) . يَعْنِي: لَا غَيْرُ. وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرُهُمْ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَغَيْرُهُ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ.

الصفحة 107