كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا. وَإِنَّمَا الْمَنْصُوصُ عَنْهُ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ: أَنَّ قُرَيْشًا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءُ، قَالَ: وَذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَرِوَايَتَيْهِ وَصَحَّحَهَا فِيهِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَيْضًا: وَمَنْ قَالَ " إنَّ الْهَاشِمِيَّةَ لَا تُزَوَّجُ بِغَيْرِ هَاشِمِيٍّ " بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، فَهَذَا مَارِقٌ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ. إذْ قِصَّةُ تَزْوِيجِ الْهَاشِمِيَّاتِ مِنْ بَنَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرِهِنَّ بِغَيْرِ الْهَاشِمِيِّينَ: ثَابِتٌ فِي السُّنَّةِ ثُبُوتًا لَا يَخْفَى. فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْكَى هَذَا خِلَافًا فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَلَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. انْتَهَى.
وَعَنْهُ: لَيْسَ وَلَدُ الزِّنَا كُفُؤًا لِذَاتِ نَسَبٍ، كَعَرَبِيَّةٍ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ. وَأَضَافَهُ إلَى الْمُصَنِّفِ.

فَائِدَةٌ:
لَيْسَ مَوْلَى الْقَوْمِ كُفُؤًا لَهُمْ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمْ. وَعَنْهُ: أَنَّهُ كُفْءٌ لَهُمْ. وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ.

تَنْبِيهٌ:
قَوْلُهُ عَلَى رِوَايَةِ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ مِنْ شُرُوطِ الْكَفَاءَةِ (لَا تُزَوَّجُ حُرَّةٌ بِعَبْدٍ) . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، قُلْت: وَلَا لِمَنْ بَعْضُهُ رَقِيقٌ. انْتَهَى.
فَلَوْ وَجَدَتْ الْكَفَاءَةَ فِي النِّكَاحِ حَالَ الْعَقْدِ بِأَنْ يَقُولَ سَيِّدُ الْعَبْدِ بَعْدَ إيجَابِ النِّكَاحِ لَهُ " قَبِلْت لَهُ هَذَا النِّكَاحَ وَأَعْتَقْته " فَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهُ. قَالَ: وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ بِمَنْعِهَا. وَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ " إذَا عَتَقَتْ الْأَمَةُ وَزَوْجُهَا حُرٌّ ". أَمَّا إنْ كَانَ قَدْ مَسَّهُ رِقٌّ، أَوْ أَبَاهُ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: جَوَازُ تَزْوِيجِهِ بِحُرَّةِ الْأَصْلِ. اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمْ.

الصفحة 110