كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

وَيَثْبُتُ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: لَا يَثْبُتُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ. وَحِكَايَةُ هَذَا الْوَجْهِ مِنْهُ عَجِيبٌ. فَإِنَّهُ جَزَمَ بِأَنَّ الْوَطْءَ فِي الزِّنَا: كَالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ. وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ فِي الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ.
فَائِدَةٌ:
ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ: أَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ لَيْسَ بِحَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ. فَقَالَ: وَطْءُ الْحَرَامِ مُحَرِّمٌ، كَمَا يُحَرِّمُ وَطْءُ الْحَلَالِ وَالشُّبْهَةِ. وَصَرَّحَ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ: أَنَّهُ حَرَامٌ. وَأَمَّا ثُبُوتُهُ بِالْوَطْءِ الْحَرَامِ: فَهُوَ الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ: أَنَّهُ يَثْبُتُ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ بِوَطْءِ الدُّبُرِ بِالِاتِّفَاقِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالتَّرْغِيبِ، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْمُذْهَبِ: إذَا وَطِئَ امْرَأَةً بِزِنًا: كَانَ كَالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ. وَقِيلَ: لَا يَثْبُتُ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ بِوَطْءِ الدُّبُرِ. وَنَقَلَ بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: لَا يُعْجِبُنِي. وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: إنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ بِالْحَلَالِ، عَلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ. وَالْحَرَامُ مُبَايِنٌ لِلْحَلَالِ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْوَطْءُ الْحَرَامُ لَا يَنْشُرُ تَحْرِيمَ الْمُصَاهَرَةِ. وَاعْتَبَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: التَّوْبَةَ، حَتَّى فِي اللِّوَاطِ. وَحَرَّمَ بِنْتَهُ مِنْ الزِّنَا. وَقَالَ: إنَّ وَطْءَ بِنْتِهِ غَلَطًا: لَا يَنْشُرُ، لِكَوْنِهِ لَمْ يَتَّخِذْهَا زَوْجَةً، وَلَمْ يُعْلِنْ نِكَاحًا.
تَنْبِيهٌ:
شَمِلَ قَوْلُهُ (الْحَرَامِ) . الْوَطْءَ فِي قُبُلِهَا وَدُبُرِهَا. وَهُوَ كَذَلِكَ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ، كَمَا تَقَدَّمَ.

الصفحة 117