كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

قَوْلُهُ (الْقِسْمُ الرَّابِعُ: الْمُلَاعِنَةُ تَحْرُمُ عَلَى الْمُلَاعِنِ عَلَى التَّأْبِيدِ، إلَّا أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ. فَهَلْ تَحِلُّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ.
إحْدَاهُمَا: لَا تَحِلُّ. بَلْ تَحْرُمُ عَلَى التَّأْبِيدِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالْخُلَاصَةِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي بَابِ اللِّعَانِ. قَالَ الشَّارِحُ: الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ: أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ. وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فِي بَابِ اللِّعَانِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ أَيْضًا.
الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: تُبَاحُ لَهُ. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ. وَهُوَ أَظْهَرُ. قَالَ الشَّارِحُ وَهُنَا فِي بَابِ اللِّعَانِ: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ شَذَّ بِهَا حَنْبَلٌ عَنْ أَصْحَابِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهَا غَيْرَهُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: يَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُفَرِّقْ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا. فَأَمَّا إنْ فَرَّقَ بَيْنَهَا: فَلَا وَجْهَ لِبَقَاءِ النِّكَاحِ بِحَالِهِ. انْتَهَى.
وَعَنْهُ: تُبَاحُ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ، أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ، إنْ كَانَتْ أَمَةً. وَيَأْتِي هَذَا فِي اللِّعَانِ أَيْضًا مُسْتَوْفًى. فَلْيُرَاجَعْ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ وَقَعَ اللِّعَانُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ، أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، فَهَلْ يُفِيدُ التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ أَمْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. ذَكَرُوهُ فِي اللِّعَانِ.
إحْدَاهُمَا: تَحْرُمُ أَيْضًا عَلَى التَّأْبِيدِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي.

الصفحة 121