كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ: لَيْسَ بِحَرَامٍ، وَلَكِنْ يُنْهَى عَنْهُ. أَثْبَتَهَا الْقَاضِي، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالْمَجْدُ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ. وَمَنَعَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَةً بِالْكَرَاهَةِ، وَقَالَ: مَنْ قَالَ عَنْ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّهُ قَالَ " لَا يَحْرُمُ. بَلْ يُكْرَهُ " فَقَدْ غَلِطَ عَلَيْهِ. وَمَأْخَذُهُ الْغَفْلَةُ عَنْ دَلَالَاتِ الْأَلْفَاظِ وَمَرَاتِبِ الْكَلَامِ. وَأَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّمَا قَالَ " لَا أَقُولُ إنَّهُ حَرَامٌ. وَلَكِنْ يُنْهَى عَنْهُ " وَكَانَ يَهَابُ قَوْلَ الْحَرَامِ إلَّا فِيمَا فِيهِ نَصٌّ. وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ الْقَاضِي فِي الْعِدَّةِ.
فَائِدَةٌ:
قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ: الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَمْلُوكَتَيْنِ فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِمُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ. وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَحْرُمَ. أَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّ الْمُبَاشَرَةَ بِشَهْوَةِ الْوَطْءِ فِي تَحْرِيمِ الْأُخْتَيْنِ، حَتَّى تَحْرُمَ الْأُولَى: فَلَا إشْكَالَ. انْتَهَى.
تَنْبِيهٌ:
فِي قَوْلِهِ " فَإِنْ وَطِئَ إحْدَاهُمَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأُخْرَى " إشْعَارٌ بِجَوَازِ وَطْءِ إحْدَاهُمَا ابْتِدَاءً قَبْلَ تَحْرِيمِ الْأُخْرَى. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ: الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَالْمَجْدُ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. قَالَ فِي الْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ: وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ: لِهَذَا الْمَشْهُورِ. وَهُوَ أَصَحُّ. وَمَنَعَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ وَطْءِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قَبْلَ تَحْرِيمِ الْأُخْرَى. وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى تَحْرِيمِ إحْدَاهُمَا مُبْهَمَةً.

الصفحة 125