كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

وَلَا يَكْفِي اسْتِبْرَاؤُهَا بِدُونِ زَوَالِ الْمِلْكِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى بِذَلِكَ. إذْ بِهِ يَزُولُ الْفِرَاشُ الْمُحَرِّمُ لِلْجَمْعِ. ثُمَّ فِي الِاكْتِفَاءِ بِتَحْرِيمِهَا بِكِتَابَةٍ أَوْ رَهْنٍ، أَوْ بَيْعٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ: وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي فِي الْكِتَابَةِ. قَطَعَ فِي الْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: أَنَّ الْأُخْتَ لَا تُبَاحُ إذَا رَهَنَهَا أَوْ كَاتَبَهَا. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَالْمُصَنِّفِ هُنَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْأَشْهَرُ فِي الرَّهْنِ. وَقَالَ: ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ: الِاكْتِفَاءُ بِزَوَالِ الْمِلْكِ. وَلَوْ أَمْكَنَهُ الِاسْتِرْجَاعُ، كَهِبَتِهَا لِوَلَدِهِ، أَوْ بَيْعِهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ. وَجَزَمَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: أَنَّهُ إذَا رَهَنَهَا، أَوْ كَاتَبَهَا، أَوْ دَبَّرَهَا: لَا تُبَاحُ أُخْتُهَا. وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: أَنَّهُ يَكْفِي كِتَابَتُهَا. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَابْنِ عَقِيلٍ فِي الْجَمِيعِ، حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ وَطِئَ إحْدَاهُمَا لَمْ تَحِلَّ الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ الْمَوْطُوءَةَ بِمَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَرْفَعَهُ وَحْدَهُ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَلَوْ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْ بَعْضِهَا. فَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: كَفَاهُ ذَلِكَ. وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا.
الثَّالِثَةُ: شَمِلَ قَوْلُهُ (بِإِخْرَاجٍ عَنْ مِلْكِهِ) . الْإِخْرَاجَ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ. فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا مِنْهُمْ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ التَّفْرِيقِ، عَلَى مَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ.

الصفحة 127