كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

وَفِي الْمُذْهَبِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ، وَغَيْرِهِ: يُكْتَفَى بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ. وَجَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَقَالَ: هَذَا عَلَى رِوَايَةِ وُجُوبِهِ. وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: الْمُتَبَتِّلُ هُوَ الَّذِي لَمْ يَتَزَوَّجْ قَطُّ قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَمَشَّى هَذَا الْخِلَافُ عَلَى الْقَوْلِ بِالِاسْتِحْبَابِ أَيْضًا. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْفُرُوعِ، بِخِلَافِ صَاحِبِ النُّكَتِ.
الثَّالِثَةُ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ: إذَا زَاحَمَهُ الْحَجُّ الْوَاجِبُ. فَقَدْ تَقَدَّمَ لَوْ خَافَ الْعَنَتَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ، فِي كِتَابِ الْحَجِّ. وَذَكَرْنَا هُنَاكَ الْحُكْمَ وَالتَّفْصِيلَ. فَلْيُرَاجَعْ.
الرَّابِعَةُ: فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْعَقْدِ اسْتِغْنَاءً بِالْبَاعِثِ الطَّبْعِيِّ عَنْ الشَّرْعِيِّ وَجْهَانِ. ذَكَرَهُمَا فِي الْوَاضِحِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمُفْرَدَاتِ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي: يَقْتَضِي إيجَابَهُ شَرْعًا كَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُضْطَرِّ تَمَلُّكُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَتَنَاوُلُهُمَا. قَالَ ابْنُ خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ، فِي نُكَتِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ: وَحَيْثُ قُلْنَا الْوُجُوبَ، فَالْوَاجِبُ هُوَ الْعَقْدُ. وَأَمَّا نَفْسُ الِاسْتِمْتَاعِ، فَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَجِبُ. بَلْ يُكْتَفَى فِيهِ بِدَاعِيَةِ الْوَطْءِ، وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا الْوَطْءَ. فَإِنَّمَا هُوَ لِإِيفَاءِ حَقِّ الزَّوْجَةِ لَا غَيْرُ. انْتَهَى.
الْخَامِسَةُ: مَا قَالَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ: هَلْ يُكْتَفَى عَنْهُ بِالتَّسَرِّي؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَتَابَعَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ. وَالزَّرْكَشِيِّ. قَالَ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي مُصَنَّفِهِ: وَيُجْزِئُ عَنْهُ التَّسَرِّي فِي الْأَصَحِّ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الزَّرْكَشِيّ: أَصَحُّهُمَا لَا يَنْدَفِعُ. فَلْيَتَزَوَّجْ. فَأَمَرَ بِالتَّزَوُّجِ. قَالَ ابْنُ خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ: فِيهِ احْتِمَالَانِ. ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمُفْرَدَاتِ، وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ.

الصفحة 13