كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

ثُمَّ قَالَ: وَيَشْهَدُ لِسُقُوطِ النِّكَاحِ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] انْتَهَى.
قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: الْأَظْهَرُ أَنَّ الْوُجُوبَ يَسْقُطُ بِهِ مَعَ خَوْفِ الْعَنَتِ. وَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ مَعَ غَيْرِهِ.

السَّادِسَةُ: عَلَى الْقَوْلِ بِاسْتِحْبَابِهِ: هَلْ يَجِبُ بِأَمْرِ الْأَبَوَيْنِ، أَوْ بِأَمْرِ أَحَدِهِمَا بِهِ؟ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، وَأَبِي دَاوُد: إنْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ يَأْمُرَانِهِ بِالتَّزْوِيجِ: أَمَرْته أَنْ يَتَزَوَّجَ، أَوْ كَانَ شَابًّا يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ: أَمَرْته أَنْ يَتَزَوَّجَ. فَجَعَلَ أَمْرَ الْأَبَوَيْنِ لَهُ بِذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ خَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَاَلَّذِي يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ لَا يَتَزَوَّجُ أَبَدًا، إنْ أَمَرَهُ أَبُوهُ تَزَوَّجَ.
السَّابِعَةُ: وَعَلَى الْقَوْلِ أَيْضًا بِعَدَمِ وُجُوبِهِ: هَلْ يَجِبُ بِالنَّذْرِ؟ صَرَّحَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ فِي مُفْرَدَاتِهِ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِالنَّذْرِ. قُلْت: وَهُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومَاتِ كَلَامِهِمْ فِي نَذْرِ التَّبَرُّرِ.

الثَّامِنَةُ: يَجُوزُ لَهُ النِّكَاحُ بِدَارِ الْحَرْبِ لِلضَّرُورَةِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: لَا يَتَزَوَّجُ، وَإِنْ خَافَ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِهِ ضَرُورَةٌ لِلنِّكَاحِ، فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. عَلَى الصَّحِيحِ. قَالَ ابْنُ خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ فِي نُكَتِهِ: لَيْسَ لَهُ النِّكَاحُ. سَوَاءٌ كَانَ بِهِ ضَرُورَةٌ، أَوْ لَا؟ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَعَلَى تَعْلِيلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَتَزَوَّجُ وَلَا مُسْلِمَةً. وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ. وَلَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ إنْ كَانَتْ مَعَهُ. وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَغَيْرِهِ.

الصفحة 14