كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

وَعَلَى مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِ: لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ آيِسَةً، أَوْ صَغِيرَةً. فَإِنَّهُ عَلَّلَ، وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ الْوَلَدِ، لِئَلَّا يُسْتَعْبَدَ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي فِي آخِرِ الْجِهَادِ: وَأَمَّا الْأَسِيرُ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَحِلُّ لَهُ التَّزَوُّجُ مَا دَامَ أَسِيرًا. وَأَمَّا الَّذِي يَدْخُلُ إلَيْهِمْ بِأَمَانٍ كَالتَّاجِرِ وَنَحْوِهِ: فَلَا يَنْبَغِي لَهُ التَّزَوُّجُ. فَإِنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ الشَّهْوَةُ: أُبِيحَ لَهُ نِكَاحُ الْمُسْلِمَةِ، وَلْيُعْزَلْ عَنْهَا وَلَا يَتَزَوَّجْ مِنْهُمْ. انْتَهَى.
وَقِيلَ: يُبَاحُ لَهُ النِّكَاحُ مَعَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، فَقَالَ: وَلَهُ النِّكَاحُ بِدَارِ الْحَرْبِ ضَرُورَةً، وَبِدُونِهَا وَجْهَانِ. وَكَرِهَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقَالَ: لَا يَتَزَوَّجُ وَلَا يَتَسَرَّى إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَيْضًا: وَلَا يَطْلُبُ الْوَلَدَ. وَيَأْتِي: هَلْ يُبَاحُ نِكَاحُ الْحَرْبِيَّاتِ أَمْ لَا؟ فِي بَابِ. الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ.
تَنْبِيهٌ:
حَيْثُ حَرُمَ نِكَاحُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَفَعَلَ: وَجَبَ عَزْلُهُ، وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ عَزْلُهُ. ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا.

قَوْلُهُ (وَالِاشْتِغَالُ بِهِ أَفْضَلُ مِنْ التَّخَلِّي لِنَوَافِلِ الْعِبَادَةِ) . يَعْنِي: حَيْثُ قُلْنَا يُسْتَحَبُّ، وَكَانَ لَهُ شَهْوَةٌ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. نَصَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: لَا يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ التَّخَلِّي إلَّا إذَا قَصَدَ بِهِ الْمَصَالِحَ الْمَعْلُومَةَ. أَمَّا إذَا لَمْ يَقْصِدْهَا: فَلَا يَكُونُ أَفْضَلَ. وَعَنْهُ: التَّخَلِّي لِنَوَافِلِ الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ، كَمَا لَوْ كَانَ مَعْدُومَ الشَّهْوَةِ. حَكَاهَا

الصفحة 15