كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

فِي حَقِّهِ سَائِرُ أَحْكَامِ الرِّجَالِ، تَبَعًا لِلنِّكَاحِ، وَيَزُولُ بِذَلِكَ إشْكَالُهُ. أَمْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِيمَا عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، دُونَ مَا لَهُ مِنْهَا، لِئَلَّا يَلْزَمَ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي اسْتِحْقَاقِهِ بِمِيرَاثِ ذَكَرٍ وَدِيَتِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. ذَكَرَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ.

قَوْلُهُ (فَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، ثُمَّ قَالَ " أَنَا امْرَأَةٌ " انْفَسَخَ نِكَاحُهُ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ. وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالْمَجْدُ، وَغَيْرُهُمَا. وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ " أَنَا امْرَأَةٌ " بَعْدَ قَوْلِهِ " أَنَا رَجُلٌ " وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُسْقِطَ عَنْهُ مَهْرَ الْمَرْأَةِ. وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ، وَابْنِ عَقِيلٍ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَفِي نِكَاحِهِ لِمَا يُسْتَقْبَلُ الْوَجْهَانِ الْآتِيَانِ بَعْدُ

فَوَائِدُ:
الْأُولَى: عَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ: لَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَزَوِّجًا، وَرَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، بِأَنْ قَالَ " أَنَا رَجُلٌ " ثُمَّ قَالَ " أَنَا امْرَأَةٌ " أَوْ عَكْسُهُ. فَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْأَصْحَابِ: أَنَّ لَهُ نِكَاحَ مَا عَادَ إلَيْهِ. قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَلَوْ عَادَ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ: فَلَهُ نِكَاحُ مَا عَادَ إلَيْهِ، فِي الْأَصَحِّ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: يُمْنَعُ مِنْ نِكَاحِ الصِّنْفَيْنِ عِنْدِي.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي الْكَافِي.
الثَّانِيَةُ: قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ: لَا يَجُوزُ الْوَطْءُ فِي الْفَرْجِ الزَّائِدِ.
قُلْت: إذَا زَوَّجْنَاهُ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى: لَمْ يُسْتَبْعَدْ جَوَازُ وَطْئِهِ فِيهِ. كَمَا يَجُوزُ مُبَاشَرَتُهُ فِي سَائِرِ بَدَنِهِ، غَيْرَ دُبُرِهِ.
الثَّالِثَةُ: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَحْرُمُ فِي الْجَنَّةِ زِيَادَةُ الْعَدَدِ، وَلَا الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَحَارِمِ، وَغَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الصفحة 153