كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: لَهُ النَّظَرُ إلَى مَا يَظْهَرُ غَالِبًا، كَالرَّقَبَةِ، وَالْيَدَيْنِ، وَالْقَدَمَيْنِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: هَذَا الْأَصَحُّ. وَنَصَرَهُ النَّاظِمُ. وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ. وَحُمِلَ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ الْآتِي عَلَى ذَلِكَ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي. وَقِيلَ: لَهُ النَّظَرُ إلَى الرَّقَبَةِ، وَالْقَدَمِ، وَالرَّأْسِ، وَالسَّاقِ. وَعَنْهُ: لَهُ النَّظَرُ إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَقَطْ. حَكَاهَا ابْنُ عَقِيلٍ. وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ قَوْلًا، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَدَيْنِ لَيْسَتَا مِنْ الْعَوْرَةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهِيَ اخْتِيَارُ مَنْ زَعَمَ ذَلِكَ. قَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ: الْمَذْهَبُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ إلَى الْمَنْعِ مِنْ النَّظَرِ: مَا هُوَ عَوْرَةٌ وَنَحْوُهُ. قَالَ الشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا: وَجَوَّزَ أَبُو بَكْرٍ النَّظَرَ إلَيْهَا فِي حَالِ كَوْنِهَا حَاسِرَةً. وَحَكَى ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً: بِأَنَّ لَهُ النَّظَرَ إلَى مَا عَدَا الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ. ذَكَرَهَا فِي الْمُفْرَدَاتِ. وَالْعَوْرَةُ الْمُغَلَّظَةُ: هِيَ الْفَرْجَانِ. وَهَذَا مَشْهُورٌ عَنْ دَاوُد الظَّاهِرِيِّ.
تَنْبِيهٌ:
حَيْثُ أَتَحْنَا لَهُ النَّظَرَ إلَى شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهَا، فَلَهُ تَكْرَارُ النَّظَرِ إلَيْهِ، وَتَأَمُّلُ الْمَحَاسِنِ. كُلُّ ذَلِكَ إذَا أَمِنَ الشَّهْوَةَ. قَيَّدَهُ بِذَلِكَ الْأَصْحَابُ.
تَنْبِيهٌ آخَرُ:
مُقْتَضَى قَوْلِهِ " وَيَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ " أَنَّ مَحِلَّ النَّظَرِ قَبْلَ الْخِطْبَةِ. وَهُوَ صَحِيحٌ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النَّظَرُ بَعْدَ الْعَزْمِ عَلَى نِكَاحِهَا وَقَبْلَ الْخِطْبَةِ.

الصفحة 18