كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

يَعْنِي: يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ إلَى مَا لَا يَظْهَرُ غَالِبًا، وَإِلَى الرَّأْسِ وَالسَّاقَيْنِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ حُكْمُ الْأَمَةِ الْمُسْتَامَةِ فِي النَّظَرِ، خِلَافًا وَمَذْهَبًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ. وَعَنْهُ: لَا يَنْظُرُ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ إلَى غَيْرِ الْوَجْهِ. ذَكَرَهَا فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا. وَعَنْهُ: لَا يَنْظُرُ مِنْهُنَّ إلَّا إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ.
فَائِدَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: حُكْمُ الْمَرْأَةِ فِي النَّظَرِ إلَى مَحَارِمِهَا: حُكْمُهُمْ فِي النَّظَرِ إلَيْهَا. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ.
الثَّانِيَةُ: ذَوَاتُ مَحَارِمِهِ مَنْ يَحْرُمُ نِكَاحُهَا عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ بِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ مُبَاحٍ. فَلَا يَنْظُرُ إلَى أُمِّ الْمَزْنِيِّ بِهَا، وَلَا إلَى ابْنَتِهَا، وَلَا إلَى بِنْتِ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَغَيْرُهُمْ.

قَوْلُهُ (وَلِلْعَبْدِ النَّظَرُ إلَيْهِمَا مِنْ مَوْلَاتِهِ) يَعْنِي: إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ. وَهَذَا أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالْفَائِقِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ لِلْعَبْدِ النَّظَرَ مِنْ مَوْلَاتِهِ إلَى مَا يَنْظُرُ إلَيْهِ الرَّجُلُ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَعَنْهُ: الْمَنْعُ مِنْ النَّظَرِ لِلْعَبْدِ مُطْلَقًا. نَقَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ. وَهُوَ قَوْلٌ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.

الصفحة 20