كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَمَنْ كَرَّرَ النَّظَرَ إلَى الْأَمْرَدِ أَوْ دَاوَمَهُ، وَقَالَ: إنِّي لَا أَنْظُرُ بِشَهْوَةٍ، فَقَدْ كَذَبَ فِي ذَلِكَ وَقَالَ الْقَاضِي: نَظَرُ الرَّجُلِ إلَى وَجْهِ الْأَمْرَدِ مَكْرُوهٌ. وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّا: النَّظَرُ إلَى الْغُلَامِ الْأَمْرَدِ الْجَمِيلِ مَكْرُوهٌ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَكَذَا قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَخَافَ مِنْ النَّظَرِ ثَوَرَانَ الشَّهْوَةِ فَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ: يُكْرَهُ. وَهَلْ يَحْرُمُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَحَكَى صَاحِبُ التَّرْغِيبِ ثَلَاثَهُ أَوْجُهٍ: التَّحْرِيمُ، وَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ. فَإِنَّهُ قَالَ: يَجُوزُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ إذَا أَمِنَ ثَوَرَانَهَا. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، فَقَالَ: أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ لَا يَجُوزُ. كَمَا أَنَّ الرَّاجِحَ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَنَّ النَّظَرَ إلَى وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ: لَا يَجُوزُ. وَإِنْ كَانَتْ الشَّهْوَةُ مُنْتَفِيَةً، لَكِنْ يَخَافُ ثَوَرَانَهَا. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي: إذَا كَانَ الْأَمْرَدُ جَمِيلًا يَخَافُ الْفِتْنَةَ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ: لَمْ يَجُزْ تَعَمُّدُ النَّظَرِ إلَيْهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَنَصُّهُ: يَحْرُمُ النَّظَرُ خَوْفَ الشَّهْوَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْكَرَاهَةُ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ. وَجَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: الْإِبَاحَةُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَكَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَالْمَنْقُولُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: كَرَاهَةُ مُجَالَسَةِ الْغُلَامِ الْحَسَنِ الْوَجْهِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى الْأَمْرَدِ لِشَهْوَةٍ. وَيَجُوزُ بِدُونِهَا مَعَ مِنْهَا. وَقِيلَ: وَخَوْفُهَا

الصفحة 29